وتوهم أن وقوع الاختلاف في متن رواية " خلف بن حماد " يوجب الترديد في جواز التعويل عليها، حيث قال في الرواية الأولى: " قال فقلت له: إن رجلا من مواليك تزوج جارية معصرا لم تطمث، فلما اقتضها سال الدم، فمكث سائلا لا ينقطع نحوا من عشرة أيام " (1) وفي الثانية قال: " قلت لأبي الحسن الماضي عليه السلام: جعلت فداك، رجل تزوج أو اشترى جارية طمثت أو لم تطمث أو في أول ما طمثت، فلما افترعها غلب الدم، فمكث أياما وليالي - إلخ - " (1) فترى أن الظاهر من الأولى أن السؤال كان مقصورا على معصر لم تطمث، والثانية عن التي طمثت أو لم تطمث أو في أول ما طمثت.
مدفوع بأن هذا ليس من التشويش والاختلاف الموجبين للتأمل فيها، فإن ترك بعض الخصوصيات مما لا يضر بالحكم لبعض الدواعي أو لعدم الداعي في النقل لا يوجب خللا فيها، ولا ريب في أن اختلافهما إنما هو لأجل ذلك، ألا ترى أن مقدمات ملاقاته وغيرها مما هي مذكورة في الرواية الأولى إنما ترك ذكرها في الثانية لبعض الدواعي أو عدم الداعي على النقل؟ فترك بعض شقوق المسألة أيضا من هذا القبيل. ولا ظهور للرواية الأولى في كون السؤال مقصورا على ما ذكر إلا لعدم الذكر والسكوت، والمذكور فيها أحد الشقوق التي ذكرت في الرواية الثانية، وهو قوله " أو في أول ما طمثت " أي في أول زمان طمثها، وهو بمنزلة قوله " معصرا " فإن المراد منه كونها في عصر الطمث وزمانه، ومعنى " أول ما طمثت " أول زمان طمثها في مقابل التي طمثت أي كانت امرأة ليس أول طمثها بل طمثت سابقا، وقوله " لم تطمث " في مقابلهما أي التي في سن الطمث ولما تطمث، أي مضى منها أوقات كان من شأنها أن تطمث فيها ولم تطمث، فلا إشكال من هذه الجهة فيها.
فتحصل أن مقتضى إطلاقها عدم الفرق بين ذات العدة وغيرها، والدم الموصوف بصفات الحيض وغيره، ولا ينافيها ما دل على اعتبار العادة والصفة، أما اعتبار الصفات فلأن الظاهر من أدلتها هو أن تلك الصفات مميزات الحيض عن الاستحاضة لا عن مطلق