وعن حاشية المدارك نقل اتفاق المتقدمين والمتأخرين من المحدثين على موافقة المشهور، وهو الموافق لرسالة علي بن بابويه إلى الصدوق التي قيل إنها كانت المرجع عند إعواز النصوص، والموافق للفقه الرضوي، وأفتى به المفيد وغيره، فلا إشكال في اشتهار الحكم بين الأصحاب.
وفي مقابله فتوى ابن الجنيد، لكن مفروض كلامه دوران الأمر بين الحيض و الاستحاضة، فإن المحكي عنه أن دم الحيض أسود عبيط تعلوه حمرة، يخرج من الجانب الأيمن، وتحس المرأة بخروجه، ودم الاستحاضة بارد رقيق يخرج من الجانب الأيسر. والظاهر أنه من الصفات المميزة بين الحيض والاستحاضة كسائر الصفات المذكورة، فلا يعلم فتواه في المقام.
وعن ابن طاوس والشهيد في الذكرى أن ما في التهذيب محالفا للكافي إنما هو في النسخ الجديدة، وقطعا بأنه تدليس وكانت النسخ القديمة موافقة للكافي، وقد رجع الشهيد عن هذا الاعتقاد ظاهرا، لفتواه في " البيان " الذي يقال إنه متأخر في التصنيف عن الذكرى موافقا للمشهور. وعن شرح المفاتيح أن ابن طاوس لم ينقل عنه مخالفة المشهور. وأما حديث التدليس في النسخ الجديدة فيرده فتوى الشيخ في المبسوط و النهاية على وفق المشهور، ولا إشكال في أن مستنده هذه الرواية، مع أن اختلاف النسخ لم ينقل إلا من ابن طاوس والشهيد، فعن ابن طاوس نسبة كون الحيض من الأيسر إلى بعض نسخ التهذيب الجديدة، وعن الذكرى أن كثيرا من نسخ التهذيب موافقة لرواية الكليني.
وكيف كان، لو كان الاشتباه من النساخ لما أفتى الشيخ في كتبه الفتوائية خصوصا مثل النهاية بخلافها، ولو كانت النسخ الموافقة للكافي بهذه الكثرة لما خفي على غيرهما مع بناء محشي التهذيب - على ما قيل - على نقل النسخ المختلفة ولم ينقلوا ذلك، بل عن شرح المفاتيح أنه اعترف جميع المحققين باتفاق نسخ التهذيب على ما وجدناه.
فاتضح أنه لم يكن خلاف في المسألة بين المتقدمين كالصدوقين والمفيد والشيخ