دم الحيض من الباطن فلا يتطوق منه القطنة غالبا ودم العذرة من زوال غشاء البكارة وخرقه، فيخرج الدم من الأطراف فتصير مطوقة نوعا، فلأجل هذه الغلبة جعل الشارع التطوق أمارة للعذرة.
وبالجملة المتفاهم من الروايات عرفا أنه مع الدوران بين الأمرين يكون التطوق أمارة للعذرة من غير تأثير للعلم بزوال البكارة وعدمه في ذلك، فحينئذ لو شكت في زوالها ودار الأمر بينهما فوضعت القطنة على نحو ما في الرواية فأخرجت و كانت مطوقة يحكم بكون الدم من العذرة، فيكشف عن تحقق زوالها فيرفع ذلك الشك، لحجية الأمارة بالنسبة إلى لوازمها وملزوماتها.
ومنها أن الظاهر من الروايات خصوصا من رواية " خلف بن حماد " المتقدمة أن المفروض في السؤال والجواب هو دوران الدم بين العذرة والحيض ولا ثالث للاحتمالين، فإن قوله " إن القوابل اختلفن - إلخ - " ظاهر في أنهن اتفقن على نفي الثالث ولو لأجل لازم قولهن، سواء قلنا بأمارية قول القوابل وأن الأمارتين لدى التعارض لا تسقطان بالنسبة إلى مدلولهما الالتزامي أولا، أما على الأول فظاهر، وأما على الثاني فلأن الظاهر أن هذا الاختلاف صار سببا لصرف ذهن السائل عن سائر الدماء واحتمالها، مضافا إلى أن سائر الدماء حتى دم الاستحاضة على خلاف العادة ومن انحرافات الطبيعة، بخلاف دم الحيض فإنه طبيعي، فالسؤال والجواب منصرف إليه عن غيره. ولهذا يفهم ذلك من صحيحة " ابن سوقة " (1) أيضا، مع أن ظاهر السؤال فيها هو السؤال عن تكليفها بالسنة إلى الصلاة، فجواب أبي جعفر عليه السلام بأنه مع التطوق من العذرة ومع الانغماس من الحيضة إنما هو في الموضوع الخاص لا لأجل كون التطوق يرفع جميع الاحتمالات إلا العذرة، والانغماس جميعها إلا الحيضة، حتى يكون الاستنقاع والانغماس من مميزات الحيض عن جميع الدماء لكن لا مطلقا وإلا لذكر في الأوصاف في الروايات المتقدمة في المسألة السابقة بل عند