فالجزم بكونه منه دليل على الأمارية. ومنه يظهر حال موثقة عمار الثانية. بل هما رواية واحدة نقلها الشيخان مع اختلاف يسير.
كما أن الاستدلال بصحيحة عبد الله بن المغيرة عن أبي الحسن الأول عليه السلام في امرأة نفست فتركت الصلاة ثلاثين يوما ثم طهرت ثم رأت الدم بعد ذلك، قال:
تدع الصلاة لأن أيامها أيام الطهر قد جازت مع أيام النفاس. (1) بدعوى إلغاء الخصوصية بين النفاس المتقدم والمتأخر أو الاجماع على عدم الفصل أو كان ذلك قرينة على إطلاق مرسلة يونس وصحيحة محمد بن مسلم المتقدمتين غير وجيه لأن الخصوصية بينهما غير ممكنة الالغاء، للفرق بين المتقدم والمتأخر، فإن في النفاس المتقدم يكون مرور الأيام موجبا لاختزان الدم للقذف المتأخر، بخلاف المتأخر، فإن الاختزان بسبب الولد، ويكون خروجه بعد رفعه للولد، تأمل. ولا إجماع على عدم الفصل بعد كون الفرق بينهما مفتى به، ولا قرينية لذلك على إطلاق الروايتين بعد ما مر من عدم إطلاقهما.
ثم إن ما مر من الأدلة قاصرة عن إثبات اشتراط الفصل، وأما عدم الاشتراط فليس في شئ فحينئذ يمكن أن يقال: كما لا دليل على الاشتراط لا دليل على نفيه، فتكون الشبهة حكمية، ولا يمكن التمسك في رفعها بأدلة أمارات الحيض ولا إطلاق أدلة الأحكام، أما الأولى فلأن سوق أدلة الأمارات عادة كانت أو صفة إنما هو في الشبهة الموضوعية، ولا تدفع بها الشبهة الحكمية. وأما التمسك بإطلاق أدلة الأحكام فهو تمسك به في الشبهة المصداقية للشك في كون الدم حيضا. نعم، يمكن أن تدفع الشبهة الحكمية بأصالة عدم الاشتراط المعلوم قبل جعل الشرع، ولا يلزم فيها الأثر بعد كونه حكما شرعيا، فحينئذ تندفع الشبهة الحكمية وتبقى الشبهة الموضوعية، فيرجع إلى الأمارات في إثبات الحيضية. وأما قاعدة الامكان فقد مر ما فيها.
هذا كله في الدم المتقدم على الولادة، وأما الدم عقيب تمام الولادة فلا إشكال