فإن ما ذكر لا يدل على أن الإمام عليه السلام أجاب عن الحيض في جواب السؤال عن الاستحاضة، بل كون الحكم بالنسبة إلى الصلاة خلاف الواقع دليل على وجود خلل في الرواية، ولا يبعد أن يكون الخلل زيادة لفظة " لا " قبل " تقضي صلاتها " و أن يكون الصواب " تقضي صومها وتقضي صلاتها " ولما كان المعروف الوارد في روايات كثيرة أن الحائض تقضي صومها ولا تقضي صلاتها صار هذا الارتكاز والمعروفية سببا للاشتباه، فزاد بعض الرواة أو بعض النساخ ذلك. وهذا الخلل الجزئي في فقرة من الرواية لا يوجب رفع اليد عن الفقرة الأخرى المفتى بها، ولا ريب أن منشأ فتواهم هو هذه الصحيحة.
وأما ما استشهد به لمدعاه من أنه قضية فرضية لا يبعد عدم تحققها في الخارج، فلم يظهر وجهه، فإن النسيان والجهل بالحكم خصوصا في النساء ليس أمرا حادثا في الأزمنة المتأخرة ولا أمرا عزيزا. وأما ما ذكره أخيرا من أن التفكيك بين الفقرتين في مثل تلك الرواية في غاية الاشكال، فلم يتضح وجهه، مع أن زيادة لفظه " لا " فيها خطأ واشتباها غير بعيد مع الارتكاز المشار إليه آنفا، وما ذكره دليلا على عدم إمكان التفكيك أوهن من أصل الدعوى.
والانصاف أن رفع اليد عن رواية صحيحة واضحة الدلالة في فقرة منها لأجل خلل في فقرتها الأخرى مع اتكال الأصحاب عليها قديما وحديثا غير ممكن. وأما الاحتمالات التي ذكرت في الرواية مما ينبو عنها الطبع السليم فلا ينبغي التعرض لها، فالحكم على إجماله مما لا إشكال فيه نصا وفتوى.
وإنما الكلام في أن صحة صومها هل تتوقف على جميع الأغسال حتى غسل الليلة المستقبلة، أو تتوقف على غير غسل الليلة المستقبلة، أو على الأغسال النهارية فقط، أو على غسل الليلة الماضية فقط، أو على غسل من الأغسال في الجملة؟ احتمالات ولبعضها وجه وقول. ولا يظهر من النص إلا أن تركها للجميع موجب للقضاء، و أما أن السبب ترك المجموع أو الجميع أو غير ذلك فلا يعلم منه، كما أن ما في المتون مثل قوله في الشرائع " وإن أخلت بالأغسال لم يصح صومها " ومثله ما في القواعد لم