اللبث في المسجد ومس الكتاب وقراءة العزائم وأمثالها، مع أن الموارد مختلفة، و الأشخاص متفاوتة، فلا يفي دليل الحرج بجميع الموارد.
وقد يرد دليل الاحتياط بعدم تنجيز العلم الاجمالي في التدريجات، وهو ضعيف لما حقق في محله من عدم الفرق بين الدفعيات والتدريجيات في تنجيز العلم.
لكن التنجيز في المقام إنما هو إذا قلنا في العبادات بالحرمة التشريعية، وهو خلاف ظاهر الأدلة، وأما إذا قلنا بالحرمة الذاتية فمحل إشكال كما سبقت الإشارة إليه من أن أمر العبادات حينئذ دائر بين المحذورين، فلا يكون العلم في مورد الدوران منجزا، ومع عدم التنجيز في أحد الأطراف تبقى بقية الأطراف بلا منجز، فالقاعدة تقتضي جواز ترك الصلاة وارتكاب محرمات الحائض، إلا أنه قام الاجماع على عدم جواز ترك الصلاة في جميع الأيام، هذا. ولكن الذي يسهل الخطب أن استفادة حكم الواقعة من الأدلة كمرسلة يونس لا يدع مجالا للعلم الاجمالي والاحتياط، فإن الظاهر منها أن دلت العادة لا وقت لها إلا عادتها وقد مر أن المتفاهم منها بعد التأمل في فقراتها أن الدم في العادة أمارة قوية لا تصل النوبة معها إلى التمييز الذي هو أيضا أمارة عليه، فضلا عما إذا لم يكن لها تمييز.
ففي المرسلة في ضمن بيان السنة الثالثة: ألا ترى أن أيامها لو كانت أقل من سبع وكانت خمسا أو أقل من ذلك ما قال لها تحيضي سبعا، فيكون قد أمرها بترك الصلاة وهي مستحاضة غير حائض؟ وكذا لو كان حيضها أكثر من سبع وكانت أيامها عشرا أو أكثر لم يأمرها بالصلاة وهي حائض. وهذا صريح في أن ذات العادة أيامها حيض والزائد عليها استحاضة، ومع كون أيامها عددا معينا يكون هذا العدد بخصوصه حيضها، ولا يجوز لها التحيض زائدا عنه ولا ناقصا.
ويدل على المقصود أيضا قوله " مما يزيد هذا بيانا قوله لها تحيضي، وليس يكون التحيض إلا للمرأة التي تريد أن تكلف ما تعمل الحائض، ألا تراه لم يقل لها أياما معلومة تحيضي أيام حيضك؟ " فإن الظاهر منه أن من كانت لها أيام معلومة تكون أيامها أيام الحيض، لا أن عليها التحيض والتكلف، وإنما يقال