في الجملة، وذلك لا لكونها القدر المتيقن من مرسلة يونس كما قيل، لما تقدم من أن فيها احتمالين وأرجحهما أن المراد من مختلطة الأيام هي التي كانت لها أيام منضبطة ثم اختلطت بالنقص والزيادة والتقدم والتأخر حتى أهملت وتركت أيامها، بل لاستفادة حكمها من المرسلة بعد التأمل في مفادها، حيث إن أبا عبد الله عليه السلام وإن بين أولا في السنة الثانية سنة التي قد كانت لها أيام متقدمة ثم اختلطت عليها لكن تمسك في ذيلها بقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقال: وذلك أن فاطمة بنت أبي حبيش - إلى أن قال - أما تسمع رسول الله صلى الله عليه وآله أمر هذه بغير ما أمر به تلك؟ ألا ترى أنه لم يقل لها: دعي الصلاة أيام أقرائك، ولكن قال لها: إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة؟ فطريق استفادة حكم مختلطة الأيام بناء على إرشاد أبي عبد الله عليه السلام هو أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يأمر ها بترك الصلاة أيام الأقراء وأمرها بتركها إذا أقبلت الحيضة، فدل ذلك على أن هذه امرأة لم تكن عارفة بوقتها ولم تكن أيامها معلومة قد أحصتها كما في السنة الأولى. فمنه تعلم قاعدة كلية هي أن كل امرأة لم تعلم عددها ولا وقتها لا بد لها من الرجوع إلى التمييز، ويستفاد من تلك القاعدة حال مختلطة الأيام بالمعنى المتقدم التي هي إحدى المصاديق لمطلق الجاهلة بالأيام و التي لم تعرف أيامها.
فقوله عليه السلام " فهذه يبين أن هذه امرأة قد اختلط عليها أيامها لم تعرف عددها ولا وقتها " ليس المراد منه المختلطة بالمعنى المتقدم، ضرورة أن مجرد إرجاع النبي صلى الله عليه وآله إياها إلى التمييز وعدم إرجاعها إلى العادة لا يبين ذلك، بل يبين الاختلاط بمعنى أعم منه، فيكون المراد من الاختلاط في هذه الفقرة هو عدم المعرفة بالعدد والوقت مطلقا، ولهذا جعل عدم معرفتها موضحا للاختلاط. ومما يبين ذلك قوله عليه السلام " فهذا يبين لك أن قليل الدم وكثيره أيام الحيض حيض كله إذا كانت الأيام معلومة، فإذا جهلت الأيام وعددها احتاجت إلى النظر حينئذ إلى إقبال الدم وإدباره " حيث جعل الجهل بالأيام مطلقا مقابل العلم بها موضوعا لاحتياجها إلى التمييز. و بالجملة إن التأمل في فقرات الرواية يدفع الريب في دلالتها على حكم الناسية، وهذا