ثم إن المتفاهم منها أن المدرك لركعة من الصلاة التي هي تكليفها فعلا بشرائطها الاختيارية من الطهور وغيره بمنزلة مدرك الوقت، فلا تعم ما إذا أدركها بمصداقها الاضطراري، فإدراك ركعة مع الطهارة الترابية لمن كان تكليفها الطهارة المائية غير مشمول لها كإدراكها مع فقد سائر الشرائط. وبعبارة أخرى: إن الظاهر منها أن الصلاة المكتوبة على الشخص الذي تكون وظيفته الاتيان بها إذا أدرك ركعة منها في الوقت فقد أدرك الوقت. نعم لا إشكال في خروج الآداب والمستحبات، فمن أدركها بواجباتها وشرائطها فقد أدرك، وإن كان الوقت مضيقا عن إتيان المستحبات.
هذا كله في إدراك العشاء والعصر والصبح مما لا مزاحم لها، وأما بالنسبة إلى صلاة المغرب والظهر فهو أيضا كذلك، كما هو المشهور نقلا وتحصيلا على ما في الجواهر، وادعى في الخلاف عدم الخلاف فيه، وعن طهارة المبسوط وعن بعض آخر الاستحباب، وعن بعض استحباب فعل الظهرين بإدراك خمس قبل الغروب، و العشاءين بإدراك أربع قبل الفجر، وعن الفقيه: إن بقي من النهار بمقدار ست ركعات بدأ بالظهر. ويدل على ما ذكرنا النبوي المتقدم وقد يقال: إن " من أدرك... " لا يقتضي مزاحمة الظهر مثلا للوقت الاختياري من العصر، وإن مقتضى أدلة الاختصاص عدم وقوع الظهر في الوقت الاختصاصي، بل الظاهر قصور دليل " من أدرك... " عن تجويز تأخير العصر اختيارا إلى إدراك ركعة منه، كما لا يستفاد منه جواز تأخير الصلاة في سعة الوقت إلى زمان إدراك الركعة.
وفيه: أنه إن كان المانع من التمسك به هو أدلة الاختصاص فلا تكون مزاحمة له، فإن مفادها هو لزوم العصر إذا بقي من الوقت أربع ركعات، ففي صحيحة إسماعيل بن همام - على الأصح - عن أبي الحسن عليه السلام أنه قال في الرجل يؤخر الظهر حتى يدخل وقت العصر: إنه يبدأ بالعصر ثم يصلي الظهر. (1) وفي صحيحة الحلبي قال: سألته عن رجل نسي الأولى والعصر جمعيا ثم ذكر ذلك عند غروب الشمس،