وجوب الأداء عليها مع الطهارة الترابية لو علمت بضيق الوقت. وبالجملة إن الروايات متعرضة لحكم آخر وهو حكم القضاء على فرض عدم تقصيرها وتفريطها وأما تكليفها في الوقت ماذا؟ وأنه مع ضيق الوقت عن الطهارة المائية ليس عليها الأداء أو عليها ذلك؟ فليست ناظرة إليها، فرفع اليد عن إطلاق ما دلت على وجوب الصلاة عليها لو طهرت قبل الغروب أو أخر وقت العصر مشكل.
هذا إذا كان المراد منها ما إذا اشتغلت المرأة بشأنها حتى جاز الوقت فجأة كما لا يبعد من سوق الروايات، وأما إذا كان لها إطلاق من حيث العمد وعدمه و أنها مع الالتفات إلى ضيق الوقت وعدم الفرصة لتحصيل الطهارة المائية اشتغلت بتهيئة الغسل حتى جاز الوقت، فالظاهر دلالتها على مقصودهم بملاحظة استفادة ذلك من الدلالة على عدم تفريطها والعمل بوظيفتها، وبملاحظة أن القضاء تابع للأداء، والحكم بعدم القضاء عليها يكشف عن عدم الأداء عليها.
والانصاف أن الاطلاق وإن كان مشكلا أو ممنوعا في بعض الروايات لكن الظاهر إطلاق بعض منها، فالوجه ما عليه الأصحاب واشتهر بينهم وادعي الاجماع عليه، فلا بد من تقييد المطلقات. وأما رواية منصور بن حازم المتقدمة ففيها ضعف بمحمد بن الربيع المجهول، بل المطلقات المتقدمة أيضا ضعيفة، أما رواية أبي الصباح فلاشتراك محمد بن الفضيل بين الثقة وغيره، ورواية عمر بن حنظلة بأبي جميلة مفضل بن صالح الضعيف. نعم، رواية عبد الله بن سنان لا يبعد أن تكون موثقة وإن كان في سندها الزبيري، لكن يمكن إنكار الاطلاق فيها بدعوى أنه بعد عدم إمكان الأخذ بهذا الظاهر أي مجرد الطهر قبل الفجر والغروب فلا محالة يكون المراد منها وقتا تدرك فيه الصلاة، ولم يعلم مقدار هذا الوقت، ولعل المقدار المقدر هو بمقدار الطهارة المائية، فليتأمل.
ثم إن ههنا فروعا أخرى تنقيح بعضها مربوط بغير هذا المقام، وبعضها واضح مدركا وقولا تركناه مخافة التطويل، ونتعرض لبعضها في المقصد الثاني إن شاء الله تعالى، والحمد لله أولا وآخرا.