هذا الأدب الذي لو كان مستحبا لكان أهم من سائر الآداب، وإنما ذكر ذلك في رواية واحدة هي رواية ابن يقطين ومرسلة يمكن أن تكون عين تلك الرواية، مع ظهورها في الشرطية التي قد عرفت حالها.
وكيف كان فمما يوجب الجزم بعدم شرطية الوضوء للأغسال الواجبة و المستحبة هو تلك الروايات الكثيرة الواردة في مقام بيان كيفية الغسل، كروايات غسل الميت وغسل المس وما ورد في الأغسال المستحبة على كثرتها، فإن عدم ذكر منه فيها دليل قطعي على عدم اشتراطها به وعدم وجوبه قبلها.
بقي الكلام في شئ تعرض له صاحب الجواهر، وهو أن الغسل والوضوء هل هما مشتركان في رفع الحدثين، أو هما رافعان على التوزيع: فالغسل للأكبر، والوضوء للأصغر؟ وتفصيل الكلام بحسب مقام التصور أنه قد يقع الكلام في ما إذا وجد سبب الأصغر والأكبر وتقدم أحدهما على الآخر أو تأخر أو تقارنا، وقد يقع في ما إذا وجد سبب الأكبر فقط، فعلى الأول يمكن أن يكون الحدثان مهيئتين متبائنتين فيؤثر الأصغر في مهية، والأكبر في مهية مبائنة لها، ويمكن أن يؤثر كل في مهية متخالفة مع الأخرى قابلة للانطباق على وجود خارجي في القدر المشترك، فيكون الحدث الأصغر عنوانا منطبقا على مرتبة من الحدث الأكبر، ويكون الأكبر ذا مراتب: مرتبة غير منطبق عليها عنوان الأصغر، ومرتبة منطبق عليها عنوانه، ويمكن أن يكون المقدار المشترك وجودا شخصيا إن قدم سبب الأصغر في إيجاده يكون سبب الأكبر مؤثرا في مرتبة أخرى، وإن قدم سبب الأكبر لا يؤثر الأصغر، فيكون السببان بالنسبة إلى المرتبة المشتركة كالأسباب المتعاقبة للحدث الأصغر.
ثم إن مقتضى الاحتمال الأول والثاني هو فعلية سببية كل موجب في مسببه الخاص، ورافعية الوضوء للحدث الأصغر والغسل للأكبر، فمع الغسل ترفع الماهية الآتية من سبب الأكبر وتبقى الماهية الآتية من سبب الأصغر، وأما احتمال اشتراكهما في رفع المجموع فضعيف جدا، ولازم الثالث هو رفع الغسل ما يأتي من قبل سبب الأكبر، وعدم الاحتياج إلى الوضوء إن كان الغسل رافعا لتمام ما