وأما المكره فهو أيضا كذلك ولا تصير الصلاة بالاكراه على الترك حراما بعنوانها، بل ما هو المحرم إيقاع المكلف نفسها في التهلكة ونحوها، وهو لا يوجب حرمة الصلاة بعنوانها وإن اتحد العنوانان في الخارج. ودعوى صدق الفوت بمجرد الشأنية أو بملاحظة نوع المكلفين غير وجيهة، فإن ميزان وجوب القضاء هو الفوت من كل مكلف بحسب حال نفسه، وهو لا يصدق بالنسبة إلى الشخص الذي لم تجعل الصلاة له أو حرمت عليه كالحائض، والشأنية لا محصل لها إلا معنى تعليقي لا يوجب صدق الفوت فعلا.
وأعجب من ذلك ما قد يقال: إن المستفاد من الأمر بالقضاء أن الأوامر المتعلقة بالصلاة من قبيل تعدد المطلوب، فكونها في الوقت مطلوب لكن بفوات الوقت لا تفوت المطلوبية مطلقا، فإن ذلك على فرض تسليمه - كما لا يبعد - أدل دليل على خلاف مطلوبه، لأن استفادة تعدد المطلوب فرع وجود الطلب والمطلوب في الوقت، ومع حرمة الصلاة على الحائض في الوقت أين الطلب والمطلوب حتى يستفاد منه تعدده؟!
فتحصل مما ذكرنا أن القاعدة في باب القضاء على فرض أخذ عنوان الفوت في موضوعه هو وجوب القضاء في كل مورد يكونا الأداء مطلوبا أو راجحا ذاتا ولو فرض سقوط الطلب لأجل بعض المحاذير على فرض صحة ذلك المبنى، وأما مع عدم الرجحان والمطلوبية الذاتية فلا، فضلا عن الحرمة الذاتية. فالحائض إذا أدركت من الوقت بمقدار تعلق الطلب يجب عليها القضاء مع تركها، ومع عدم توجه الطلب أو توجه النهي إليها لا يجب عليها القضاء بحسب القاعدة، بل الظاهر أن الأمر كذلك لو تمكن من الصلاة الاضطرارية، فلو قلنا بأنها لو علمت مفاجأة الطمث عليها بعد مقدار من الزمان يتمكن فيه من إتيان صلاة مع الطهارة الترابية وفقدان بعض الشرائط الاختيارية تجب عليها الصلاة كذلك فالقاعدة تقتضي القضاء مع تركها لأجل الجهل بالواقعة، لتوجه أمر الصلاة إليها وفوتها منها.
بل الأمر كذلك لو تمسكنا في وجوب القضاء بالطائفة الثانية من أخبار القضاء،