فتغسل كفيك، ثم تفرغ بيمينك على شمالك فتغسل فرجك ومرافقك، ثم تمضمض واستنشق، ثم تغسل جسدك من لدن قرنك إلى قدميك، ليس قبله ولا بعده وضوء، و كل شئ أمسته الماء فقد أنقيته، ولو أن رجلا جنبا ارتمس في الماء ارتماسة واحدة أجزأه ذلك وإن لم يدلك جسده. (1) فإن زرارة سأله عن كيفية غسل الجنابة، و هو عليه السلام بصدد بيانها، وذكر عدم الوضوء قبله وبعده خصوصا في خلال بيان الكيفية وبالأخص مع تعقيبه بقوله " وكل شئ أمسسته الماء فقد أنقيته " مما يوجب الظهور في أن المراد عدم دخل الوضوء في كيفية الغسل وتحققه ورفع الجنابة، وهو أمر غير احتياج الصلاة إلى الوضوء وعدمه بعد رفع الجنابة.
ومثلهما بل أوضح منهما صحيحة حكم بن حكيم، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن غسل الجنابة، قال: أفض على كفك اليمنى من الماء فاغسلها - وذكر كيفية الغسل إلى أن قال - قلت إن الناس يقولون يتوضأ وضوء الصلاة قبل الغسل، فضحك وقال: وأي وضوء أنقى من الغسل وأبلغ؟ (2) حيث إن السائل سأل عن الكيفية وبعد ما رأى عدم ذكر من الوضوء في كيفية الغسل قال إن الناس يقولون - الخ - ومراده ظاهرا أن الناس يزعمون في كيفية الغسل أن للغسل وضوء كوضوء الصلاة، فكما أن الصلاة لا تصح بلا وضوء كذلك الغسل وهذا كالصريح في ما ذكرنا من عدم كون السائل والمجيب في مقام بيان إجزاء الغسل عن الوضوء، بل بصدد السؤال والجواب عن دخله في تحقق الغسل و صحته، ويؤيده قوله " أي وضوء أنقى من الغسل وأبلغ " أي لا دخل له في النقاء، و الغسل أبلغ في حصول الطهارة والرافعية من الوضوء.
ومما ذكرنا يظهر حال سائر الروايات حتى أن رواية أبي بكر الحضرمي الذي تخالف تلك الروايات تشهد بما ذكرنا، قال: سألته، قلت: كيف أصنع إذا أجنبت؟ قال: اغسل كفك وفرجك وتوضأ وضوء الصلاة ثم اغتسل. (3) لأن الظاهر منها أن هذا الأمر كان معهودا في تلك الأعصار، وأن اشتراط تحقق الغسل