فقال: إن كان في وقت لا يخاف فوت إحديهما فليصل الظهر ثم يصلي العصر، وإن هو خاف أن تفوته فليبدأ بالعصر ولا يؤخرها فتفوته، فيكون قد فاتتاه جميعا، و لكن يصلي العصر في ما قد بقي في وقتها ثم ليصل الأولى بعد ذلك على أثرها. (1) إلى غير ذلك وظاهر الأولى هو أنه إذا دخل وقت العصر أي الوقت الاختصاصي يجب البدء به، وهو الظاهر من الثانية أيضا، وحينئذ تكون تلك الروايات مشعرة بأن الظهر لا يزاحم العصر في جميع وقتها لا في بعضه، وإلا كان الحق أن يقول: إذا بقي من الوقت سبع ركعات يصلي العصر، فهذه إن لم تكن مؤيدة لانطباق حديث " من أدرك... " على الظهر لم تكن مخالفة له أيضا.
وإن كان المانع هو الأدلة العامة لجعل الأوقات فلا إشكال في حكومته عليها، وإن كان المانع هو عدم انطباقه على العصر الذي يمكن إدراكه بجميع وقته فلا يجوز تأخير العصر اختيارا إلى ضيق الوقت بمقدار إدراك ركعة، ففيه أن انطباقه على الظهر موجب لحصول الموضوع للعصر، ضرورة أن ترك العصر حينئذ ليس باختيار المكلف بل بحكم الشارع، وبعبارة أخرى: إنه لا إشكال على فرض اختصاص الوقت بالعصر في أنه إن بقي من الوقت خمس ركعات يكون الظهر مشمولا للنبوي، ومع شموله له يجب بحكمه إتيان الظهر المدرك لوقته التنزيلي، ومع لزوم إتيانه يبقى للعصر ركعة فيشمله النبوي، وليس هذا تأخير العصر اختيارا حتى يقال لا يجوز للتأخير إلى زمان إدراك الركعة، بل هو تأخير بحكم الشرع.
هذا كله حال إدراك ركعة جامعة للشرائط، وأما لو لم تدرك ركعة بل أدركت أقل منها فمقتضى القواعد الأولية والثانوية فوتها، أما الأولية فواضح، وأما الثانوية فكذلك أيضا، لأن الظاهر منها أن إدراك الركعة غاية ما يمكن الادراك معه، ولو كانت تدرك الصلاة بأقل منها لما جاز التحديد بالركعة، نعم هنا روايات سيأتي التكلم عليها.