لزوم الكفارة، ضرورة معارضة قوله " لا أعلم فيه شيئا " في جواب قوله " أعليه كفارة؟ " مع قوله " عليه أن يتصدق " وقوله " يجب عليه في استقبال الحيض دينار ".
ولو حاول أحد الجمع بينهما بحمل " لا أعلم فيه شيئا " على عدم العلم بثبوت شئ على نحو الوجوب، وقوله عليه كذا أو يجب عليه على ثبوته استحبابا لما بقي مورد للتعارض بين الأخبار، مع أن ميزان الجمع وعدم التعارض هو نظر العرف، ولا إشكال في معارضة هذه الأخبار بنظر العرف، إذ ليس بينها جمع مقبول عقلائي، ولولا الجهات الخارجية لكان المتعين عمل باب التعارض والعلاج، لكن الظاهر عدم وصول النوبة إلى ذلك، ضرورة أن إعراض قدماء أصحابنا من مثل صحيحة عيص و موثقة زرارة مما هي معتبرة الاسناد صريحة الدلالة، والعمل بمثل رواية داود بن فرقد مما هي مرسلة ضعيفة غير صريحة في المفاد يوجب الوثوق بثبوت الحكم يدا بيد و جيلا قبل جيل إلى عصر المعصوم عليه السلام خصوصا بالنظر إلى أن العامل بها أو بمضمونها و المدعي للاجماع أو الأظهرية في المذهب من يكون طريقته العمل بالقطعيات.
وإن شئت قلت: إن الدليل على العمل بالخبر الواحد ليس إلا طريقة العقلاء، وما ورد من الشارع في هذا الباب ليس إلا الانفاذ لما عليه العقلاء، ولا تأسيس ولا تعبد للشارع في العمل به، وليس بناء العقلاء على العمل بمثل تلك الروايات التي خرجت عن تحت نظر كبراء الأصحاب وفقهاء المذهب مع تمامية السند والدلالة ولم يعملوا بها مع كونها موافقة للأصل والقاعدة، وإنما عملوا على رواية مرسلة ضعيفة. و الانصاف أن الاعراض والجبر لو كان لهما محل فهذا هو محلهما.
وأضعف شئ في المقام هو حمل الروايات الأخيرة على نفي الوجوب والأولة على الاستحباب، مع أن التعارض وعدم الجمع العقلائي بينهما كالنار على المنار، فلا بد لهم من طرح تلك الروايات المعمول بها والعمل بما هي معرض عنها بين الأصحاب وإلا فلا مجال للجمع، ولكن مع ذلك إن المسألة مشكلة لا بد من أخذ طريق الاحتياط فيها.
ثم إنه لا إشكال في تكرر الكفارة مع تكرر الوطئ منه في أول الحيض و