الاستمتاع بغيره ففيه قولان والمشهور بينهم عدم الجواز ولو بحائل، وعن بعضهم الجواز بغير حائل، وعن الحنابلة حرمة الوطئ فقط وأما الاستمتاع بما بينهما بغير حائل فجائز عندهم، والمشهور بين أصحابنا بل ادعى الشيخ في الخلاف الاجماع عليه جواز الاستمتاع بما بينهما مطلقا حتى الوطئ في الدبر، وعن ظاهر التبيان والمجمع أيضا الاجماع عليه، خلافا لما نقل عن السيد في شرح الرسالة من تحريم الوطئ في الدبر بل مطلق الاستمتاع بما بين السرة والركبة، وعن الأردبيلي الميل إليه. والأولى بيان ما يستفاد من الآية الكريمة ثم النظر إلى الأخبار قال تعالى: " يسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله " لا إشكال بين المسلمين في جواز معاشرة النساء بغير الاستمتاعات في أيام الحيض، فلا يمكن الأخذ بالمعنى اللغوي للاعتزال والقرب، فلا بد من أن تكون الجملتان كناية، ولا يمكن جعلهما كناية عن مطلق الاستمتاعات ولو بمثل القبلة ولمس فوق السرة والأخذ بالساق لاجماع الفريقين على جوازه. فلا بد من جعلهما كناية عن أحد أمور: إما الدخول في القبل، وإما الأعم منه ومن الدبر، وإما هما مع الاستمتاع بما بين السرة والركبة.
والأرجح هو الأول، لأن التكنية عنه مناسبة لقوله " قل هو أذى " ومعلوم أن الأذى على ما هو المتفاهم العرفي هو القذارة التي ابتلي بها الفرج خاصة في زمان الحيض، و لقوله " حتى يطهرن " فإن الطهر على ما مر سابقا هو النقاء عن الدم، فمناسبة الحكم والموضوع قرينة على المعنى المكني عنه. وأما التكنية عن حد خاص مثل الاستمتاع بما بين السرة والركبة بلا حائل كما قال المخالفون، أو عن الوطئ في الدبر والقبل، أو عنهما وعن التفخيذ مثلا من غير قيام شاهد وقرينة وتناسب تدل عليها فغير صحيح، وبعيد عن الكلام المتعارف فضلا عن القرآن الكريم.
وبالجملة بعد رفع اليد عن المعنى اللغوي والحقيقي وعن الكناية عن مطلق الاستمتاع المتعارف بين الرجال والنساء لا يمكن التكنية عن غير إتيان الفرج والقبل لعدم التناسب وعدم القرينة، وأما هو فموافق للفهم العرفي ومناسب لكون المحيض