خفيف الميزان عند اللَّه، لا ينظر اليه ولا يزكيه وله عذابٌ أليم.
قال: وأصبح الحسين من غده يستمع الأخبار فإذا هو بمروان بن الحكم قد عارضه في طريقه فقال: أبا عبد اللَّه اني لك ناصح فأطعني ترشد وتسدد. فقال:
وما ذاك؟ قل أسمع، فقال: اني أرشدك لبيعة يزيد فانها خير لك في دينك وفي دنياك، فاسترجع الحسين وقال: انا للَّه وانا إليه راجعون، وعلى الإسلام السلام إذا بليت الأمة براعٍ مثل يزيد، ثم قال: يا مروان أترشدني لبيعة يزيد ويزيد رجل فاسق؟ لقد قلت شططاً من القول وزللًا، ولا ألومك فانك اللعين الذي لعنك رسول اللَّه وأنت في صلب أبيك الحكم بن العاص، ومن لعنه رسول اللَّه فلا ينكر منه أن يدعو لبيعة يزيد، اليك عني يا عدو اللَّه، فانا أهل بيت رسول اللَّه الحق فينا ينطق على السنتنا، وقد سمعت جدي رسول اللَّه يقول: الخلافة محرمة على آل أبي سفيان الطلقاء وأبناء الطلقاء. فإذا رأيتم معاوية على منبري فابقروا بطنه، ولقد رآه أهل المدينة على منبر رسول اللَّه فلم يفعلوا به ما أمروا فابتلاهم بابنه يزيد.
فغضب مروان من كلام الحسين فقال: واللَّه لا تفارقني حتى تبايع ليزيد صاغراً فانكم آل أبي تراب قد ملئتم شحناء وأشربتم بغض آل أبي سفيان، وحقيق عليهم أن يبغضوكم، فقال الحسين: اليك عني فانك رجس واني من أهل بيت الطهارة قد أنزل اللَّه فينا«إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» «1» فنكس رأسه ولم ينطق، ثم قال له الحسين: أبشر يا ابن الزرقاء بكلما تكره من رسول اللَّه يوم تقدم على ربك فيسألك جدي عن حقي وحق يزيد، فمضى مروان إلى الوليد وأخبره بمقالة الحسين.