فصنع معاوية ما صنع، وكان حلف لأخي الحسن أن لا يجعل الخلافة لأحد من ولده، وأن يردها عليّ ان كنت حياً. فان كان معاوية خرج من دنياه ولم يف لي ولا لأخي بما ضمن فقد جاءنا ما لا قرار لنا به. أتظن اني أبايع ليزيد، ويزيد رجل فاسق معلن بالفسق يشرب الخمر ويلعب بالكلاب والفهود ونحن بقية آل الرسول، لا واللَّه لا يكون ذلك أبداً.
قال: فبيناهما كذلك في المحاورة اذ رجع الرسول فقال: ان الأمير قاعد لكما خاصة فقوما اليه، فزبره الحسين وقال: انطلق إلى أميرك لا أم لك، فمن أحب ان يصير اليه منا فانه صائر اليه، فاما أنا فاني أصير اليه الساعة ان شاء اللَّه ولا قوة باللَّه، فرجع الرسول ايضاً إلى الوليد فقال: أصلح اللَّه الأمير، أما الحسين بن علي خاصة فانه صائر اليك في أثري فقد أجاب، فقال مروان: غدر واللَّه الحسين فقال الوليد: مهلًا فليس مثل الحسين يغدر، ولا يقول شيئاً ثم لا يفعل.
قال: ثم ان الحسين أقبل على من معه وقال: صيروا الى منازلكم، فاني صائر الى الرجل فأنظر ما عنده وما يريد.
فقال له ابن الزبير: جعلت فداك اني خائف عليك ان يحبسوك عندهم فلا يفارقونك أبداً دون أن تبايع أو تقتل.
فقال الحسين: اني لست أدخل عليه وحدي، ولكني اجمع اليّ أصحابي وخدمي وانصاري وأهل الحق من شيعتي، ثم آمرهم ان يأخذ كل واحد منهم سيفه مسلولًا تحت ثيابه ثم يصيروا بازائي، فإذا أنا أومأت اليهم وقلت: يا آل الرسول ادخلوا فعلوا ما أمرتهم به فأكون على الامتناع دون المقادة والمذلة في نفسي، فقد علمت واللَّه أنه جاء من الأمر ما لا أقوم به ولا أقرّ له، ولكن قدر اللَّه ماض وهو الذي يفعل في أهل بيت رسول اللَّه ما يشاء ويرضى.