قال: وكان عبد اللَّه ابن الزبير مضى إلى مكة حين اشتغلوا بمحاورة الحسين وتنكب الطريق، فبعث الوليد بثلاثين رجلًا في طلبه فلم يقدروا عليه، فكتب الوليد الى يزيد يخبره بما كان من أمر ابن الزبير ومن أمر الحسين وأنه لا يرى عليه طاعة ولا بيعة، فلمّا ورد الكتاب على يزيد غضب غضباً شديداً- وكان إذا غضب احولّت عيناه- فكتب إلى الوليد:
بسم اللَّه الرّحمن الرّحيم
من يزيد أمير المؤمنين إلى الوليد بن عتبة: أما بعد فإذا ورد عليك كتابي هذا فخذ البيعة ثانية على أهل المدينة توكيداً منك عليهم، وذر عبد اللَّه بن الزبير فانه لن يفوتنا ولن ينجو منا أبداً ما دمنا أحياء، وليكن مع جواب كتابي هذا رأس الحسين، فان فعلت ذلك جعلت لك أعنّة الخيل، ولك عندي الجائزة العظمى والحظ الأوفر والسلام.
فلما ورد الكتاب على الوليد أعظم ذلك، وقال: واللَّه لا يراني اللَّه وأنا قاتل الحسين ابن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم، ولو جعل لي يزيد الدنيا وما فيها.
قال: وخرج الحسين من منزله ذات ليلة وأتى قبر جده صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم فقال: السلام عليك يا رسول اللَّه أنا الحسين بن فاطمة فرخك وابن فرختك وسبطك والثقل الذي خلفته في امتك، فاشهد عليهم يا نبي اللَّه انهم قد خذلوني وضيّعوني ولم يحفظوني، وهذه شكواي اليك حتى ألقاك صلّى اللَّه عليك، ثم صف قدميه فلم يزل راكعاً ساجداً.
قال: وأرسل الوليد بن عتبة إلى منزل الحسين ينظر أخرج من المدينة أم لا فلم يصبر في منزله فقال: الحمد للَّه اذ خرج ولم يبتلني اللَّه في دمه.
قال: ورجع الحسين إلى منزله عند الصبح ... فلما كانت الليلة الثالثة خرج