إلى القبر أيضاً فصلى ركعات فلما فرغ من صلاته جعل يقول: اللهم ان هذا قبر نبيك محمّد صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم وأنا ابن بنت نبيك، وقد حضرني من الأمر ما قد علمت، اللهم اني أحب المعروف وانكر المنكر، واني أسألك يا ذا الجلال والاكرام بحق هذا القبر ومن فيه الّا اخترت لي من أمري ما هو لك رضى، ولرسولك رضى وللمؤمنين رضى، ثم جعل يبكي عند القبر حتى إذا كان قريباً من الصبح وضع رأسه على القبر فأغفي، فإذا هو برسول اللَّه قد أقبل في كتيبة من الملائكة عن يمينه وشماله وبين يديه ومن خلفه فجاء حتى ضم الحسين إلى صدره وقبل بين عينيه وقال: حبيبي يا حسين كأني أراك عن قريب مرمّلًا بدمائك، مذبوحاً بأرض كربلا بين عصابة من أمتي، وأنت في ذلك عطشان لا تسقى وظمآن لا تروى، وهم في ذلك يرجون شفاعتي، ما لهم لا أنالهم اللَّه شفاعتي يوم القيامة، وما لهم عند اللَّه من خلاق، حبيبي يا حسين ان أباك وأمك واخاك قدموا عليَّ وهم اليك مشتاقون، وان لك في الجنة لدرجاتٍ لن تنالها الّا بالشهادة.
قال: فجعل الحسين في منامه ينظر إلى جده محمّد صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم ويسمع كلامه، ويقول له: يا جدّاه لا حاجة لي في الرجوع إلى الدنيا فخذني اليك وأدخلني معك إلى قبرك.
فقال له النبي: يا حسين لابدَّ لك من الرجوع إلى الدنيا حتى ترزق الشهادة وما قد كتب اللَّه لك من الثواب العظيم، فإنك وأباك وأمك وأخاك وعمك وعم أبيك تحشرون يوم القيامة في زمرة واحدة حتى تدخلوا الجنة.
قال: فانتبه الحسين من نومه فزعاً مرعوباً فقصّ رؤياه على أهل بيته وبني عبد المطلب، فلم يكن في ذلك اليوم في شرق ولا غرب قوم اشد غماً من أهل بيت رسول اللَّه ولا أكثر باكياً ولا باكية.