وروى البيهقي بأسناده عن الشعبي قال: «خرج عليّ بن أبي طالب رضي اللَّه عنه إلى السوق فإذا هو بنصراني يبيع درعاً قال: فعرف علي رضي اللَّه عنه الدرع، فقال: هذه درعي، بيني وبينك قاضي المسلمين، قال: كان قاضي المسلمين شريح، كان علي استقضاه قال: فلمّا رأى شريح أميرالمؤمنين قام من مجلس القضاء واجلس علياً في مجلسه وجلس شريح قدامه إلى جنب النصراني، فقال له علي رضي اللَّه عنه: أما يا شريح لو كان خصمي مسلماً لقعدت معه مجلس الخصم، ولكني سمعت رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم يقول: لا تصافحوهم ولا تبدأوهم بالسلام ولا تعودوا مرضاهم ولا تصلوا عليهم ولجوهم إلى مضايق الطرق وصغّروهم كما صغرهم اللَّه، اقض بيني وبينه يا شريح فقال شريح: ما تقول يا أميرالمؤمنين، قال: فقال علي رضي اللَّه عنه: هذه درعي ذهبت مني منذ زمان قال: فقال شريح: ما تقول يا نصراني؟ قال: فقال النصراني؟ ما اكذب أميرالمؤمنين، الدرع هي درعي قال: فقال شريح: ما أرى أن تخرج من يده فهل من بيّنة فقال علي رضي اللَّه عنه: صدق شريح، قال: فقال النّصراني: أما أنا أشهد أن هذه احكام الأنبياء، أميرالمؤمنين يجي ء إلى قاضيه وقاضيه يقضي عليه، هي واللَّه يا أميرالمؤمنين درعك اتبعت الجيش وقد زالت عن جملك الأورق فأخذتها، فإني أشهد أن لا اله الّا اللَّه، وانّ محمّداً رسول اللَّه، قال: فقال علي: اما إذ أسلمت فهي لك وحمله على فرس عتيق قال: فقال الشعبي، لقد رأيته يقاتل المشركين. هذا لفظ حديث أبي زكريّا. وفي رواية ابن عبدان قال: يا شريح، لو لا أن خصمي نصراني لجثيت بين يديك وقال في آخره قال: فوهبها علي رضي اللَّه عنه له، وفرض له ألفين وأصيب معه يوم صفّين والباقي بمعناه» «1».
(٤٠)