عدل ولم يلتمسوا الّا دنياً زائلة عنهم كان قد فارقوها، وليسألنّ يوم القيامة، أللدّنيا أرادوا أم للَّه عملُوا؟.
وامّا ما ذكرت من بذل الأموال واصطناع الرجال، فانه لا يسعنا أن نؤتى امرءاً من الفي ء أكثر من حقّه، وقد قال اللَّه سبحانه وتعالى وقوله الحقّ:«كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ» «1» وقد بعث اللَّه محمّداً صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم وحده فكثّره بعد القلّة واعزّ فئته بعد الذلّة وإن يرد اللَّه أن يولينا هذا الأمر يذلّل لنا صعبه ويسهّل لنا حزنه، وأنا قابل من رأيك ما كان للَّه عزّوجل رضا، وأنت من آمن الناس عندي، وأنصحهم لي وأوثقهم في نفسي ان شاء اللَّه.
وذكر الشعبي قال: دخلت الرحبة بالكوفة- وأنا غلام- في غلمان فإذا أنا بعليّ عليه السلام قائماً على صبرتين من ذهب وفضة ومعه مخفقة وهو يطرد الناس بمخفقته ثم يرجع إلى المال فيقسّمه بين الناس، حتى لم يبق منه شي ء، ثم انصرف ولم يحمل إلى بيته قليلًا ولا كثيراً، فرجعت إلى أبي فقلت له: لقد رأيت اليوم خير الناس أو احمق الناس قال: من هو يا بنيّ؟ قلت: علي بن أبي طالب أميرالمؤمنين رأيته يصنع كذا فقصصت عليه، فبكى، وقال: يا بنّي رأيت خير النّاس.
وروى محمّد بن فضيل عن هارون بن عنترة عن زاذان قال: «انطلقتُ مع قنبر غلام علي عليه السلام فإذا هو يقول: قم يا أميرالمؤمنين، فقد خبأت لك خبيئاً، قال: وما هو، ويحك! قال: قم معي فقام فانطلق به إلى بيته وإذا بغرارة مملوءة من جاماتٍ ذهباً وفضة، فقال: يا أميرالمؤمنين، رأيتك لا تترك شيئاً إلا قسمته فادّخرت لك هذا من بيت المال، فقال علي عليه السلام: ويحك يا قنبر! لقد