يخرج الطفل إلى الدنيا وليس لديه من المعرفة شئ.. ولكنه يكتسب هذه المعرفة بواسطة الحواس الخمس وأهمها السمع والبصر.. فالمولود يسمع أي ضجة وينزعج لها. ويستطيع أن يميز بسرعة صوت أمه.. بل إن الجنين في بطن أمه يستطيع سماع الأصوات وذلك منذ الشهر الرابع بينما هو في ظلام تام في رحم الام ولا يستطيع بأي حال أن يرى شيئا.
أما نعمة الفؤاد أو ما يعبر عنه بالقلب فهي أتم النعم وأكملها إذ ليس المقصود بالفؤاد تلك العضلة الصنوبرية الشكل والمودعة في الجانب الأيسر من الصدر، فهو كما يقول الامام الغزالي في الاحياء، موجود للبهائم فهو " قطعة لحم لا قدر له وهو من عالم الملك والشهادة إذ تدركه البهائم بحاسة البصر فضلا عن الآدميين. ولكن المقصود بالفؤاد هو لطيفة ربانية روحانية لها بهذا القلب الجسماني تعلق. وتلك اللطيفة هي حقيقة الانسان. وهو المدرك العالم العارف من الانسان وهو المخاطب والمعاقب والمعاتب والمطالب " (1). ونعمة البصر مرتبطة بالعين.. والعين تشبه الكاميرا حيث أنها تلتقط الصور التي تنعكس على العدسة في الشبكية RETINA التي تشبه الفيلم.. ثم تنتقل عبر ملايين الأعصاب المتجمعة في العصب البصري OPTIC NERVE إلى مؤخرة المخ OCCIPITAL LOBE حيث يقوم المخ بتحميض الصور وطبعها والتعرف عليها.. وكل ذلك يتم في جزء بسيط من الثانية إذ أن سرعة الارسال تبلغ الف متر في الثانية.. وكذلك تتم عمليات الطبع والتحميض والادراك بمثل هذه السرعة الرهيبة.
مما تقدم ترى أن الجزء المبصر من العين هو في الواقع امتداد للمخ..
وكذلك تنمو حويصلة الابصار كامتداد من المخ المقدمي.. ويبدأ أول ظهورها في الأسبوع الثالث بعد التلقيح.. وفي الأسبوع الرابع تبدأ خلايا حويصلة الابصار تنفصل من المخ المقدمي FORE BRAIN.. وفي الأسبوع الخامس