علقة ثم من مضغة إلى آخر أطوار الانسان (من تفسير ابن جرير الطبري).
في الآيات الكريمة شريط متكامل لخلق الانسان وهو يمر بجميع مراحل أطواره طورا بعد طور وخلقا بعد خلق حتى يخرج إلى هذه الدنيا.. ثم يواجه مراحل حياته التي تنتهي بالموت.. ثم بعث ونشور لا شك فيهما ولا ريب ثم جنة ونعيم أو جحيم وسعير..
ويبدأ الشريط من التراب أولا يذكرنا ببدء خلق الانسان كيف أنشأه الله من التراب حتى استوى في أجمل صورة وأحسن تقويم.. تلك هي النشأة الأولى.
والتراب بعد ذلك مصدر تكوين النطفة والعلقة والمضغة.. ولا يخرج بها عن مرحلتها الطينية الا تلك النفخة الربانية التي استحق بها آدم عليه السلام التكريم على الملائكة حيث قال لهم رب العزة: اسجدوا لآدم فسجد الملائكة كلهم أجمعون الا إبليس أبى واستكبر وتعزز أن يسجد للمخلوق من الطين ولم ينظر إلى النفخة الإلهية التي حلت في هذا المخلوق الكريم.. ثم هي النفخة تتكرر في كل جنين ترفعه بها من وهدة الطين وثقلته إلى شفافية الروح وانطلاقها مع الملأ الأعلى من الملائكة المكرمين.
* (الذي أحسن كل شئ خلقه وبدأ خلق الانسان من طين. ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين ثم سواه ونفخ فيه من روحه. وجعل لكم السمع والابصار والأفئدة. قليلا ما تشكرون) *. السجدة.
والنقلة بين مرحلة الطين وخلق آدم ثم مرحلة النطفة وخلق الجنين نقلة بعيدة في الزمان ونقلة بعيدة في الأذهان.. ولذا جاء التعبير فاصلا بينهما في الآيتين الكريمتين (في سورة الحج وسورة المؤمنون) بثم.
والمسافة بين النطفة والعلقة مسافة كبيرة في ميزان الخلق وان كانت غير بعيدة في حساب الزمان.. * (ولقد خلقنا الانسان من سلالة من طين.. ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما.. ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين) *.