كالحقن والاسهال بالعكس وقد يعالج ببعض هذه الأنواع لقطع غيرها كفصد الرعاف وقئ الاسهال وإذا ضاد المرض الطبع كحمى محرقة في شيخ مثلا تناول أغذية حارة بإفراط فإن كانت الطوارئ مساعدة للسن فالامر في إزالة المرض سهل وإلا العكس وكذا الكلام في الأعضاء فان المرض إذا ناسبها كبرد الدماغ كان سهلا والأعسر كحرارته ويجب الاعتناء عند علاج العضو الممروض بحفظ ما يجاوره ويشاركه من الآفات ومتى عاكس العرض المرض كالغشى والحمى وأمكن تدارك الامرين معا وجب وإلا قدم الأخطر كتقديم الاستفراغ في الورد والتبريد في المحرقة كما مر وسيأتى أحكام كل من القوانين مما لم يذكر سابقا في موضعه فلنشرع في ترتيب الأمراض حسبما شرطنا سابقا جاعلين ذلك وإن اشتمل على استيفاء الأمراض الظاهرة والباطنة عامة كانت أو خاصة أحكاما وأقساما وعلاجا على وضع [أبجد] جمعا بين الترتيبين وتبركا بالنسقين من غير التزام ثاني الحرفين لمماثله كما تقدم في الثالث بل العبرة بأول حرف من الكلمة لقلة ما يأتي هنا فلا يصعب الاستقصاء مقدمين ما في الحرف من الأمراض مردفين ذلك بما فيه من العلوم التي قدمنا الوعد بذكرها.
* (حرف الألف) * [استسقاء] هو من أمراض الكبد أصالة في الأصح، وقيل قد يحصل من الطحال إذا حلته المواد الباردة ثم عظم حتى ملا البطن فإنه يبرد الكبد فيكون الاستسقاء وفيه نظر مما ذكر ومما سلف في القواعد من أن المرض البارد في البارد ليس عظيم الخطر والأوجه الصحة ورد هذا الثاني بأن عدم الخطر لا ينافي حصول المرض وقيل يكون في الكليتين والأربية، وعلى كل تقدير هو مرض مادي سببه مادة غريبة باردة تداخل الأعضاء على غير نمط طبيعي فتربو فوق ما يجب على غير ما ينبغي إما بنفسها أصالة أو تقع المادة في فرجها فتمتلئ وتزدحم أو فيهما معا وهو غاية المرض واشتق له هذا الاسم إما من كثرة طلب صاحبه للماء فيستسقى أي يطلب وبهذا التفسير يتناول أقسامه كلها أو من صيرورة البطن كزق الماء فيكون الاسم للزقى أصالة وللآخرين عرضا ولا شبهة في أن أصله وإن كان من فساد الكبد إلا أنه لابد من أن يكون بواسطة فساد أعضاء الغذاء أو بعضها ومن ثم كان الجشاء الحامض الدال على برد المعدة من مقدماته لفساد الغذاء وفجاجته المضعفين للكبد، ويحدث أيضا من خسة القوى خصوصا الماسكة والدافعة فقد قال أبقراط ينبغي أن تنظر في كمية ما تشرب وما يخرج منك من البول فإن كان البول أقل فاحذر من الاستسقاء، أقول هو كلام صحيح لكنه بعد اعتبار ما يخرج من باقي الفضلات خصوصا العرق ونحو الاسهال وحرارة الغذاء والمزاج وعلى كل تقدير فهذا المرض لا يكون في الأصل إلا باردا لان الصفراء متى احتبست قرحت والدم يجمد بالبرد وبالرياح الكائنة عن السدد فلا يبقى على صورته ولا كيفيته ولكن قد يكون سببه حرارة تحل قوى الكبد فتعجز عن الإحالة الطبيعية إذ المعتبر في الصحة اعتدال العضو على الوجه المشروط في الأصول وقولنا مادي يخرج الساذج وأن سببه مادة غريبة باردة فصل الجنس عن نحو ما فسد من الغريزيات كحمى الغب وبالسبب الحار كالمحترقة فليس مؤداهما واحدا كما ذكر ابن نفيس في شرح القانون معترضا وقولنا تداخل الأعضاء أو الفرج أو هما استيعاب للمحال وإن ترك الشيخ الثالث لفهمه بالأولى وكلامه بعيد من الوهم في أن الفرج أعضاء فعد عنه فإنه فاسد هذا ما تقرر في الماهية، وأما أنواعه فثلاثة: أردؤها [اللحمي] لعمومه وتوزيع الطبيعة في مداواته إلى ضروب مختلفة وضعف البدن فيه وسببه برد الكبد