يؤتى الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتى خيرا كثيرا (قرآن كريم) بسم الله الرحمن الرحيم الباب الرابع في تفصيل أحوال الأمراض الجزئية واستقصاء أسبابها وعلاماتها وضروب معالجتها الخاصة بها إذ فيما سبق من القوانين الكلية في التراكيب الجامعة ما فيه كفاية وفى ذكر جمل من العلوم التي سبقت الإشارة إليها ووجه اعتلاق هذه الصناعة بها وهى بها واحتياج كل إلى الآخر على وجه لا يستغنى الحكيم عنه بل متى جهل شيئا من ذلك خرج عن كونه حكيما بل طبيبا، وقد رأيت أن أرتب ذلك كله على وضع [أبجد] وأن أقدم أسماء الأمراض وما يتبعها من العلاج وأختم الحرف بذكر ما فيه من العلوم حسبما سبق ولا ألتزم ذكر الحرف مع ما يماثله كالالف مع الألف كما سبق بل أكتفي بأول حرف من الاسم جمعا بين الطريقتين، وأسأل الله التوفيق والعناية وأن يحفني باللطف والهداية إنه ولى ذلك وهو حسبي ونعم الوكيل. وقبل الخوض في فتح هذا الباب للدخول إليه لابد وأن أذكر قواعد تجرى منه مجرى المقدمة فأقول [قاعدة] كل ما عسر ضبطه لكونه جزئيا لابد وأن يطلب من النظر حصره فيما يستثبته الذهن قانونا كليا يجرى مجرى الدساتير والمسابير ولا شك في تعذر انحصار جزئيات الأمراض ودعوى الضرورة إلى إزالتها عند عروضها، فمست الحاجة إلى ذكر قاعدة المواد إذا لم تفارقها الصور الجنسية فهي الهيولي إذ التلازم بينهما بديهي، فان برزت إلى النوعيات فبلا فاعل محال وقد برزت بالضرورة فثبت الفاعل. فإن كان البروز المذكور في نهاية الابداع فالفاعل حكيم والمقدم ضروري الثبوت فكذا التالي، وحيث ثبت أن ما في الوجود في غاية الاتقان وأنه أثر مخترع حكمته وراء غايات العقول فلا بد وأن يكون لغاية صونا له عن العبث الموجب للنقصان الذي تقدست الحكمة عنه ومن ههنا ثبت أن لكل موجود عللا أربعا (مادية) هي الأصل (وصورية) هي العين وكلتاهما داخلتان فيه وتقديم الأولى بديهي (وفاعلية) هي المؤثرة (وغائية) هي جواب لم وجد وتأخيرها بالفعل معلوم كتقديمها ذهنا على ما سوى الفاعلية ولا شك أن هذه الصناعة قد تكفلت للأجسام المركبة ببيان أنواعها وأشخاصها بالعلل المذكورة إن حدث حكمة وللحيوانية منها إن حدث زردقة جنسية وللابدان الانسانية خاصة إن حدث طبا وهذا دستور تكفل بها حكمة محررة وصحة محبرة [قاعدة] قد تقدم أن العنصريات الصادرة عن بسائط الأمهات الفاصلة بين العالمين المنوط اعتبارها بتناسب البسائط المطلقة بمولداتها العشرة ومؤثراتها بعد تكثراتها
(٢)