تذكرة أولى الألباب - الشيخ داود الأنطاكي - ج ٢ - الصفحة ٧
الأسنان والسحن إلى غير ذلك [قاعدة] قد يتفق للواحد من حيث وحدة نوعه أو شخصه الاتصاف بمتضادين على سبيل التعاقب لا الاتحاد زمنا، فإن كان كل من الصفتين غير مخرج للموصوف عن مجراه الطبيعي فالتغاير الضدي محال، وإن كان كل منهما فاعل ذلك فكذلك في جهة العكس فيتعين ملاءمة إحداهما له ومنافرة الأخرى ووجب حينئذ الاخذ في الاحتفاظ من وقوع المنافرة وبدن الانسان قد ثبت اتصافه بالصحة والمرض المتضادين ومعاوقة المرض له عن الافعال الطبيعية ودفعه إذا وقع والتحرز منه موقوف على معرفة أنواعه وأسمائها وما يخص كل عضو منها ثم معرفة طرق الاخذ في ضون البدن منه أو دفعه وقد أشار الفاضل ابن نفيس في فاتحة شرح الكتاب الثالث إلى شئ من هذه التقاسيم، واختصاص الأعضاء بها حاصله أن المرض إما أن يعم كالحمى أو يخص عضوا كالصداع للرأس أو اثنين من جنس واحد وأمكن عروضه لهما معا كالرمد للعينين أو لم يمكن كالعرج أو من جنسين كالخفقان للقلب وفم المعدة أو يخص أكثر من اثنين إما من نوع واحد كالداحس للأصابع أولا كالمغص وهذه الأمراض هي الجزئية الباطنة غالبا، وقد لا يخص المرض عضوا مخصوصا كتفرق الاتصال ولكل مرض آفة تنتج عنه إما في العضو الممروض أو شريكه أو جاره وذلك الظهور قد يقارن المرض كالصداع للحمى وقد يسبق كهو لضعف الهضم وقد يتأخر كالحمى للعفن وقد يكون المرض باطنا والآفة ظاهرة كصفرة الأعضاء في اليرقان إذا اشتدت المرارة وسقوط الشعر إذا احترقت الاخلاط وقد يكون كلاهما باطنا كفساد الكبد عن ورم الطحال وضيق النفس عن ضعف الكبد وقد يكونان ظاهرين كتنفط الجلد عند حرق النار. وأما أسماؤها وتفاصيل ما يلزمها من الاحكام الكلية فقد مر في الباب الأول وحكم الوصايا الجارية مجرى القوانين سنختم به الكتاب، وأما العلاج الجزئي للباطنة والظاهرة والعامة والخاصة فهو الذي عقد له هذا الباب ولو أخذنا في تفريع أحكامها على قواعد كلية لخرجنا عن المقصود وإنما ذكرنا ذلك لنوضح لأهل هذه الصناعة كيفية استنباطها من الأصول وفى هذا كفاية فلنشرع في المقصود على النمط الذي تقدم ذكره بعد أن نورد من الأمور الجارية مجرى المدخل إلى الجزئيات والفروع على أصول أثبتت في الكليات. فمن ذلك أن الأمراض بالضرورة لا تحدث إلا عن المزاج فإن كانت عن الساذج فالغرض إصلاحه لا غير وذلك بالمضاد كأخذ البارد الرطب في الحار اليابس هذا إن أريد الشفاء وإلا فقد يقصد الطبيب المغر إبطال ما يحس من المرض بما شأنه التسكين مطلقا كالأفيون وهذا محض الغش الذي مآله إلى فساد الأعضاء وإن كان ماديا فالمطلوب أمران استفراغ المادة ثم إصلاح المزاج واختيار ما يناسب من أنواع الاستفراغ راجع إلى صاحب التدبير فقد يرى أن الجماع مثلا كاف وأن الرياضة لا تستعمل من بين أنواع الاستفراغ لسوى الأصحاء وعليه يحمل اكتفاء المعلم بها عن الفصد لا مطلقا كما فهمه جالينوس في قصة الصبى الذي أفرط به الدم وتختلف أنواع الاستفراغ باختلاف الأسباب المفسدة والخلط قد يحتاج إلى استفراغه إما لزيادته في الكم أو لفساده في الكيف أولهما والأول يكفي فيه النقص والثاني التعديل بعد الاخراج والثالث المجموع المركب أو الجميع على التعاقب ويقتصر على التليين في أول فساد الكيفيات والاستحمام عند رقة الخلط ومقاربته سطح البدن والمسهلات في غير ذلك فان احتيج إلى الفصد مع الاسهال فالصحيح تقديمه أن أمن فساد الكيفية وانجذاب باقي الاخلاط إلى الأعضاء وتحجير الثفل لذهاب الرطوبة وإلا أخر وإن خيف الآخر فقط كفى التليين الرقيق أولا هذا هو الصحيح من خلاف طويل ومتى خيف مرور الخلط بالاسهال مثلا على عضو أشرف من الذي أسهل منه وجب دفعه بغير ذلك والقئ أصلح لمرض السوافل
(٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الباب الرابع في تفصيل أحوال الأمراض الخ 2
2 حرف الألف 8
3 فصل في حال الدليل 24
4 فصل في أحكام القرآن 31
5 فصل في ذكر ما يومى اليه الكسوف والخسوف من الدلالة الخ 32
6 فصل في تقرير المبادي ووجه التعلق باستخراج الضمائر وارتباط العوالم الخ 33
7 فصل في خصوصيات الأدلة باعتبار الكواكب 35
8 فصل في أحوال الضمير والخلاف فيه 35
9 حرف الباء 38
10 الفصل الأول في صفة البيطار 51
11 الفصل الثاني في آلاته 51
12 الفصل الثالث في موضوع هذه الصناعة ومباديها وما يجب أن يعرفه الخ 52
13 الفصل الرابع فيما يختار منها وذكر عمرها وما يستدل به على سنها وغير ذلك 52
14 فصل ولما كان التشريح من أهم ما يجب أن يعرفه الطبيب قبل طب الإنسان الخ 3 5 فصل في الأخلاق السيئة في الحيوان الخ 54
15 فصل في ذكر أشياء تجري مجرى الفراسة من الإنسان الخ 55
16 فصل وإذ قد فرقنا من جزء العلم في هذه الصناعة فلنقل في عملها ما فيه كفاية الخ 56
17 فصل في علاج سمومها وذكر ما زاد على الإنسان 60
18 فصل في المختار من أدوية العين الخ 60
19 خاتمة تشتمل على ذكر ما يجري هنا مجرى الجزئيات من طب الإنسان 60
20 حرف الجيم 70
21 فصل ينبغي لمن أراد التلذذ به الميل بأغذيته إلى الحار الرطب الخ 72
22 (جغرافيا) 87
23 حرف الدال 91
24 حرف الهاء 101
25 هندسة 104
26 فصل في السطوح 106
27 فصل في الأشكال 106
28 فصل قد تقرر في قاطيغوريا أن السطح الخ 106
29 حرف الواو 110
30 حرف الزاي 114
31 حرف الحاء 121
32 فصل في ذكر الأدوية الموجبة للحبل 145
33 حرف الطاء 150
34 (طلسمات) 154
35 فصل في تشعبات أهل هذه الصناعة 156
36 فصل في الشروط الخاصة ملتقطة من كلام الرازي 157
37 فصل فيما يخص كل كوكب وبرج الخ 157
38 فصل في الأعمال وتدريجها إلى الكمال 160