الماهر فعلى الغبي الملاطفة بما لا ضرر فيه من الأدوية الخمسة أو التسعة سواء نفع أم لا حتى يستحكم معرفة المزاج وليس مرادنا بالجاهل من كان كأطباء هذا العصر بل المراد به هنا من لم يتضلع من الحكمة بل كان طبيبا بحتا كابن نفيس والكازروني والموفق فافهمه [قاعدة] إذا كان التدريج في المادة إلى تمام الصورة النوعية معلوم المراتب والتفاصيل ترتب اللاحق على السابق بحيث يكون كل سابق أصلا لما بعده وتكون نسبة السابق في النوع الواحد إلى ما بعده نسبة ما قبله في الجنس إليه وعلى هذا يتفرع كون الأعضاء أجساما جامدة قامت عن الاخلاط لكونها سيالة وكون الجسم مأخوذا في حد كل منهما وهكذا فيشكل حكم الأرواح خاصة في هذا الباب ولا أعلم عنه جوابا، والذي يظهر أنها إنما كانت عن الخلط باعتبار فاعلية الأعضاء ولا شبهة في كون الفاعلية سببا قويا ويوضح هذا ما نطق به أشرف الكتب السماوية وأفصحها حيث قال تقدس اسمه (ولقد خلقنا الانسان من سلالة من طين) الآية، فعطف جعل النطفة على الطينية بثم لبعد الزمان بينهما لتوليد الأغذية أولا ثم التنمية ثم تفصيل النطفة ثم وضعها في القرار، وعطف جعل العلقة على النطفة لمامر لان اكتنان النطفة حتى تأخذ في التخلق أمر دقيق يستدعى زمنا ثم إحاطة الأغشية بها ثم تسليط الحرارة ثم انفتاح فوهات العروق للتغذية النباتية وعطف الباقي بالفاء التي لا تقتضى المهلة لسهولة الانتقال في هذه المراتب إذ تحول العلقة إلى المضغة ليس إلا بالتصلب وهى إلى العظام بزيادته واكتساء العظام باللحم موقوف على الغذاء وهو متيسر، ثم أشار إلى المرتبة السابعة التي هي إنشاؤه خلقا جديدا عاطفا لها بالعاطف الأول لأنها نفخ الأرواح الصادرة على جهة الاختراع فمهلة الزمان هنا مهلة صعوبة وتهويل على سوى الحكيم الأول وحكمته إلزام النفوس الاقرار بعظمته القاهرة فتنقاد خاضعة بخلاف العطف الأول فإنه مع ما ذكر يستدعى طول الزمان فليتأمل فإنه غريب مبتكر، ويتفرع على هذه القاعدة هنا علاج الأسبق فالأسبق عند التعدد وأنه يجب في علاج الحميات مثلا المنع أولا عن تناول مثل لحم البقر لئلا يحدث الامتلاء فيكون عنه التعفين فينتج منه الحميات وأنه إذا كان في الرأس صداع دموي لا يجوز المبادرة إلى فصد القيفال من بادي الرأي كما تفعله جهلة زماننا، فقد حفظوا من الصناعة أن فصد القيفال للرأس والباسليق للبدن والمشترك لهما على إطلاقه وهذا خطأ فاحش وقد فسدت بسببه أمزجة كثيرة، والذي يجب أن ينظر في ذلك الصداع فإن كان منشؤه من الرأس فصد ما يختص به وإلا فعلى القياس وأن الأدوية يجب أن تكون كذلك فلو رأينا صداعا بلغميا نشأ من الرأس اعتنينا في التداوي بما يخص الرأس من المفردات والمركبات كالعنبر والاطريفلات وهكذا [قاعدة] حينما انقسم أصل المواد إلى خفيف مطلقى وعكسه وتابع كل منهما تعين اطراد ذلك في كل ما قام عن الأربعة غذاء كان أو غيره ويتفرع عليه إعطاء الغذاء والدواء بحسب المرض ومراعاة صاحب الروحانية السارية فيه فتداوى السوداء بكل حار رطب في روحانية الزهرة وهكذا ألا ترى أن دماغ الحمار والكلب ودم الأرنب توقع العداوة بين آخذيها في أي طعام كان بإقليم زحل ولو أنها أخذت في نحو مصر لم تؤثر شيئا لمعاكسة صاحب الروحانية ومن ههنا يبطل فعل غالب الأدوية ويتفرع على هذا بروز العقاقير خصوصا إذا كان في الطالع مضادة فإنه يبطل عملها والأحوط جعلها في الظل مطلقا من يوم قلعها، فان تعذر فمن حين أخذها من العطار بل منعوا جواز الدق في هاون مكشوف لمخالطة الهواء الروحانيات وأنه يجب النظر في المرض هل موضعه في الرأس مثلا فيراعى طالع الحمل في علاجه فإنه له. ثم اختلفوا فيما إذا كان المرض من مقولة الثقيل المطلق كالماليخوليا في عضو للخفيف المطلق كالرأس هل الملاحظ المحل أو
(٥)