الفصد وأخذهم المسهل من نصف الحمل إلى رأس السرطان ومن أول السنبلة إلى العقرب. والسادس الواقع في حكم عطارد وحده الأول حيث انتهى الخامس ووسطه حيث يرتفع القطب خمسا وأربعين درجة وخمسين دقيقة وجباله اثنان وعشرون وأنهاره اثنان وثلاثون ومدنه سبعون آخرها ما عرضه سبع وأربعون وخمس عشرة دقيقة أولها شمالي يأجوج ومأجوج والصعيد وما وراء النهر ثم الري وفارس وأطراف العراق وأرمينية إلى جنوب هيكل الزهرة ثم يمر على أطراف الأندلس إلى البحر وغاية طول النهار فيه خمس عشرة ساعة ونصف، وأهله شديد والبياض وصهوبة الشعر وضيق العيون والغلاظة وشدة الاخلاط وأمراضهم نحو الشقاق غالبا وعسر النفس والرياح والمفاصل وليس لهم إلا الاسهال وقت شربهم له من الثور إلى آخر السرطان ومن أول السنبلة إلى آخر الميزان.
وأول السابع من نهاية السادس ثم يتوسط حيث يكون ارتفاع القطب ثمانيا وأربعين درجة ونصفا وآخره أحد وخمسون وفيه عشرة جبال وأربعون نهرا واثنان وعشرون مدينة آخرها ما عرضه نحو خمسين ومبدؤه من المشرق جنوب يأجوج وفيه بلغار والروس وكيمار وبحر جرجان واللان وباب الأبواب ثم يمر على قندونية وفيه المتوحشة من الصقالبة إلى البحر وأهله ممن أفرط بهم البرد والرطوبة حتى استولت على أمزجتهم الأمراض الرطبة ككثرة الاسقاط والفالج وكثيرا ما يتعالجون بالقئ وشرب ألبان الخيل وأكلها ويقال إن الجمال لم تعش هناك أصلا ونهاره ست عشرة ساعة وحكمه للقمر فمن ثم فيهم العجلة مع اللين في الحركات والتراخي في الأمور وليس لهم رأى ولا نجدة.
* (تنبيه) * قد عرفت اختلاف الأقاليم حدودا وأبعادا وعلمت أن كل بلد له مع العرض والميل ثلاث حالات إما أن يزيد عرضه فيشتد برده أو ميله فحره أو يتساويان فيعتدل وأما عدمهما فقد علم. إذا عرفت هذا وأحكمت أنواع الاختلاف أوقعت العلاج على نسبته، فان للبلدان تأثيرا في الأصوات واللغات فضلا عن الأمزجة والأمراض فلا بد للطبيب من استحضار ذلك عند الملاطفة وقد أسلفنا الكلام في أحكام النبات وما الأولى أن يعالج به أهل كل إقليم وهل ذلك مما يثبت عندهم لمشاكلته أمزجتهم أو الغريب لشدة تأثيره وقد اخترنا أن يكون الغذاء من الأول والدواء من الثاني. ثم اعلم أن ما ذكر من عدد المدن في الأقاليم هو الأصل في تدوين العروض أولا وإلا فقد وقع التغيير نقصا وزيادة حتى قيل إن صاحب طنجة ضبط المدن فكانت سبعة عشر ألفا وأربعمائة فكان الذي خص الصين منها تسعة آلاف والقرانات الكبار وأدوار المراكز تنقل بأمر مبدعها جل اسمه الأشياء حتى إلى الضدية فان القران الكائن بعد ستة وثلاثين ألفا ينقل البر بحرا والبحر برا والسهل جبلا إلى غير ذلك، وسنستقصي ما يتعلق بهذه المباحث في الهيئة والفلك [جومطريا] يوناني معناه علم الهندسة وسيأتى إن شاء الله تعالى.
* (حرف الدال) * [داء الحية والثعلب] كلاهما من الأمراض الظاهرة الداخلة تحت مقولة الزينة ومادتهما ما احترق من الخلط وفاعلهما الحرارة المفرطة وصورتهما نقص الشعر أو ذهابه وغايتهما فساد منابته وسميا بذلك لاعترائهما الحيوانين المذكورين وقيل لان الثعلب يفسد الزرع بتمرغه فيه كما يفسد هذا الداء الشعر الذي له هو زرع البدن. وحاصل الامر أن الحرارة ولو غريزية إذا أفرطت مصادفة لتناول نحو حريف ومالح واستطال الامر وبعد العهد من التنقية صعدت ما احترق فان تراخى الصاعد في عرق أو عروق مخصوصة ومر فيها على منابت شعر رشحت تلك العروق على المنابت من ذلك المحترق ما يفسدها ويسقط ما فيها من الشعر على شكل تقريح العروق وهذا هو داء الحية تشبيها له بأثرها عند مشيها في نحو رمل وقد يفرط ذلك الاحتراق فينسلخ ما تحت الشعر من الجلد تقشيرا وقد يصعد الاحتراق من خارج العروق فينثر لا على شكل