وانبعث هو وأتباعه يطردون هؤلاء المتجرين على حساب الدين وقلبوا لهم مناضدهم. وتكاد هذه أن تكون فعلته الإيجابية الوحيدة (1).
وقد حاول الشيطان أن يخدعه ولكن المسيح طرده، واختار من أتباعه اثنى عشر مريدا لقبوا بالحواريين، وقد لازمه هؤلاء مدة دعوته، ثم اختار من أتباعه من أرسلهم إلى القرى للتبشير، وأيده الله بالمعجزات العظيمة، فكان يحيي الموتى، ويشفي المرضى، ويفتح أعين العميان، ويخرج الأرواح النجسة، وينهر الرياح إذا ثارت فتهدأ، والبحر إذا أصخب فيخضع (2).
ولما رأى اليهود أن شأن المسيح سيرتفع جن جنونهم، فاجتمع رؤساء الكهنة والفريسيون، بالحبر الأكبر كايافاس (Caiaphas) وراحوا يتآمرون ويتشاورون، فقال رئيس الكهنة: (إنه خير لنا أن يموت واحد ولا تهلك أمة كلها) وقرروا قتله، وأخذوا يثيرون عليه بيلاطس حاكم فلسطين من قبل الرومان، ولما رأوا أن هذا لا يريد أن يتدخل في الشؤون الدينية لليهود، تقدموا إليه مدعين أن عيسى أخذ يفسد الأمة وأنه يمنع أن تعطى جزية لقصير (3)، ويدعي أنه مسيح ملك (4)، بل توعدوا بيلاطس أن يرفعوا الأمر لقيصر إن هو قصر في إنزال العقوبة بعيسى، ولما رأوا تردده وخوفه على نفسه من دم عيسى صاحوا به: دمه علينا وعلى أولادنا.
وهكذا أثر اليهود في بيلاطس فأمر بالقبض على عيسى، وأحس عيسى بذلك فاختفى مع حوارييه في حديقة جثيماني Gethaemane، ولكن يهوذا الإسخريوطي أحد هؤلاء الحواريين تقدم للكهنة وساومهم على تسليمه للرومان نظير ثلاثين من الفضة، وقاد يهوذا جند الرومان حيث قبضوا على عيسى، ودفع