الأحوال فقل صفاؤها وضعف، وظهرت بها الفرق والأحزاب التي استقلت كل منها بتنظيم نفسها، وأصبح رؤساؤها رجال سياسة وقادة دينيين في نفس الوقت.
وعند نهاية القرن الثاني كان أتباع المسيحية أكثر من أتباع أي دين آخر، وكان الرومان مع تسامحهم تجاه كل الأديان يضطهدون المسيحيين لأسباب ثلاثة:
1 - اعتبرهم الرومان غير مخلصين للوطن لتنبؤهم بسقوط الإمبراطورية ولأنهم امتنعوا عن الخدمة العسكرية وعن شغل الوظائف.
2 - اعتبرهم الرومان غير متجاوبين مع الاتجاه الاجتماعي في الإمبراطورية لأنهم لم يشتركوا في الأعياد العامة.
3 - اعتبرهم الرومان أميل للفجور وسوء الأدب لأن أغلب الأسر التي تنصرت كان مصيرها الفرقة والانحلال.
وفي ابتداء القرن الرابع بدأ الأباطرة أمثال Galerius و Constantine يقدرون التأييد الضخم الذي يمكن أن يحصلوا عليه من المسيحيين ليسندوا بذلك الجمهورية التي كانت تهتز وتتهاوى، ففي سنة 313 صدر منشور (فرمان) يعترف بالمسيحية ويساويها بالأديان الأخرى، ثم جاء الإمبراطور قسطنطين الذي بذل جهدا خاصا ليكسب تأييد المسيحيين، فأعفى القسس من الضرائب، وبنى الكنائس على حساب الدولة، وترك للكنيسة شؤونها القضائية، وجعل يوم الأحد إجازة رسمية، واستمرت محاباة المسيحية بعد ذلك حتى أخمدت الوثنية نهائيا بقانون ثيودوس الذي صدر سنة 438 م وبمقتضاه أصبح على جميع المواطنين أن يصيروا أعضاء بالكنيسة الأرثوذوكسية، وانتشرت الديانة الجديدة كذلك بسرعة بين برابرة الجرمان على حدود الإمبراطورية فعظمت بذلك الكنيسة الكاثوليكية، ولكن انتصار