4 - يعتقد المسلمون أن المسيح دعا للصلة المباشرة بين الله والناس، وتكلم عن ملكوت الله المفتوح لجميع الصالحين (1)، ويوضح Wells (2) أن المقصود بملكوت الله كان ضربة للولاء العائلي عند بني إسرائيل، ذلك الولاء الذي يجعل منهم وحدة لا تتصل بسواها من وحدات البشر (تجعل منهم شعبا مختارا) فصاح عيسى بهذا الاتجاه يبتغي أن يكتسح طوفان جارف من حب الله كل العواطف العائلية الضيقة المقيدة للحرية، ويفتح السبيل للأخيار الصالحين أن ينتموا لملكوت الله.
فملكوت الله أو مملكة السماء بهذا المعنى هي معارضة واضحة لدعوى اليهود الاختيار والامتياز.
ويقول الأب بولس الياس (3) في تفسيره (ملكوت الله) ما يلي:
ليس ملكوت الله حزبا سياسيا، أو مؤسسة اجتماعية، إنما هو حالة نفسية، حالة بر تقوم على نبذ الأنانية وعلى الاعتصام بطاعة الله ونواميسه، وعلى العودة إلى البساطة أو الطفولة المسيحية وما فيها من صفاء نيات ونقاء سرائر، وهذا ما ألمح إليه السيد المسيح بقوله (لا يقال إن ملكوت الله هنا أو هناك لأن ملكوت الله في داخلكم (4)).
وقبل أن ندع الكلام عن ملكوت الله أو مملكة السماء بالمعنى الذي شرحناه وهو أدق معنى في هذا الموضوع، نقرر أن هذه المملكة وجدت قبل المسيحية، وكانت شعارا للكنفوشية في القرن الرابع ق م، ثم كانت شعارا للمسيحية فالإسلام، وكانت بذلك دعوة لإله واحد ووضع حد لتعدد الآلهة. ولكن الإخلاص العام لإرادة واحدة انحرف في الكنفوشية والمسيحية فاتجهتا لتأليه كونفوشيوش وعيسى باعتبار أنهما صاحبا هذه