ويرى ابن حزم (1) وهو من فقهاء الظاهر إن الوفاة في الآيات تعني الموت الحقيقي، وأن صرف الظاهر عن حقيقته لا معنى له، وأن عيسى بناء على هذا مات ولكنه سيعود قبيل القيامة وعودته إحياء جديد.
ويقول الأستاذ الشيخ محمود شلتوت (2) إن كلمة (توفى) قد وردت في القرآن كثيرا بمعنى الموت حتى صار هذا المعنى هو الغالب عليها المتبادر منها، ولم تستعمل في غير هذا المعنى إلا وبجانبها ما يصرفها عن هذا المعنى المتبادر، ثم يسوق عددا كبيرا من الآيات استعملت فيه هذه الكلمة بمعنى الموت الحقيقي، ويرى أن المفسرين الذين يلجئون إلى القول بأن الوفاة هي النوم أو أن في قوله تعالى: (متوفيك ورافعك) تقديما وتأخيرا، يرى أن هؤلاء المفسرون يحملون السياق ما لا يحتمل، تأثرا بالآية (بل رفعه الله إليه) وبالأحاديث التي تفيد نزول عيسى، ويرد على ذلك بأنه لا داعي لهذا التفكير، فالرفع رفع مكانة، والأحاديث لا تقرر الرفع بل تقرر النزول آخر الزمان، وهو ما يمكن بحياة جديدة على ما مر شرحه.
وبقول فضيلته إنه إذا استدل البعض بقوله تعالى (وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين (3)) على أن عيسى رفع إلى محل الملائكة المقربين، أجبناه بأن كلمة (المقربين) وردت في غير موضع من القرآن الكريم دون أن تفيد معنى رفع الجسم، قال تعالى:
- والسابقون السابقون أولئك المقربون (4).
- فأما إن كان من المقربين فروح وريحان وجنة نعيم (5).