وأوجبت على كل متزوج يرغب في اعتناق مذهبها من الذكور والإناث أن يفترق عن صاحبه، وبدون ذلك لا يمكن قبوله ولا تعميده.
ومع أن الفرق المسيحية الباقية إلى عصرنا الحاضر لم تأخذ بهذا المذهب، فإن نظرة المسيحية إلى التبتل على أنه الحالة المثلى، وإلى الزواج على أنه مجرد ضرورة، قد أدت بالتدريج إلى نظام العزوبة المفروض على الرهبان وعلى القسسين في المذهب الكاثوليكي، فمنذ العصور المسيحية الأولى كان يحظر على القسيس أن يتزوج امرأة متوفى عنها زوجها، كما كان يحظر عليه أن يتزوج مرة ثانية بعد وفاة زوجته.
وفي أوائل القرن الرابع الميلادي أصدر مجمع الفيرا (Elvira) في إسبانيا قرارا بتحريم الزواج وبالابتعاد عن كل شهوات الجنس على كبار رجال الكنيسة، وفي أواخر القرن الحادي عشر أصدر البابا جريجوري السابع أمرا بوجوب العزوبة وتحريم الزواج على جميع القساوسة والرهبان، كبارهم وصغارهم (حتى لا تتدنس صفاتهم الكهنوتية بالاتصال الجنسي) ومع أن هذا القرار قد لاقى في مبدأ الأمر معارضة شديدة، في كثير من المناطق المسيحية فإنه لم يكد ينتهي القرن الثالث عشر الميلادي حتى كان نظاما مقررا في الكنيسة الكاثوليكية ومطبقا على جميع القساوسة، والرهبان من الرجال، والراهبات من النساء.
ومسيحية (العهد الجديد) تدفع للرهبنة، والرهبنة هي الزهد في متع الحياة الدنيا، والبعد عن نعيمها واعتزال حياة المادة وقطع الصلة بين المترهب وبين مشاغل الحياة وعوائق الصفاء، وكل هذا الرغبة في تطهير النفس والسمو بها إلى الدرجات العالية.
والرهبنة وليدة الأمور التي سقناها آنفا، إنها وليدة هجر الوالدين والأسرة، ووليدة الزهد في الدنيا وكراهية المال والنفور منه، ووليدة