الأعاجيب فإن يعقوب في رسالته يشيد بالأعمال ويقلل من شأن الإيمان إذا خلا من الأعمال، يقول يعقوب: ما المنفعة يا إخواني إن قال أحد إن له إيمانا ولكن ليس له أعمال، هل يقدر الإيمان أن يخلصه؟........ إن الجسد بدون روح ميت. وهكذا الإيمان أيضا بدون أعمال ميت (1).
قد يحاول البعض التحوير والتفسير ليلائم بين هذه التناقض الظاهر، ولكنها كانت دائما وستكون دائما محاولة فاشلة، أما الإجابة الصحيحة فمرجعها أن هذه الأناجيل ليست من مصدر واحد، إن مصدرها هم قائلوها، وهم وحدهم أو الذين حرفوها من بعدهم هم المسؤولون عن هذا التناقض، والمسئولون عن سواه مما سبق أن أردناه.
* * * وبعد فهذه دراسة عن المسيحية التزمت فيها روح الإنصاف وبيان الحقيقة جهد الطاقة: وقصدت أن يكون بحثا علميا يخضع للعقل والمنطق لا للعاطفة والشعور، والمرجو أن أكون قد وفقت فيما قصدت إليه، وقد اتضح لنا من هذه الدراسة أن المسيحية بعدت عن صفائها ودخلتها عناصر غريبة عجيبة حتى نقلتها حتى طبيعتها وطبيعة الأديان السماوية كلها، وكان ذلك إيذانا بإرسال نبي جديد برسالة جديدة، ينقذ العالم مما نزل به من خطوب وويلات، ويضع أسسا صالحة شاملة لأمور الدين وأمور الدنيا، وبهذا جاء محمد، وبهذا جاءت رسالة الإسلام، التي خصصنا لها الحلقة الثالثة من هذه السلسلة (سلسلة مقارنة الأديان).
.