الله وأطاع وصاياه، فقبل الموت، موت الصليب، لذلك يقول الله فيه: هذا ابني الحبيب الذي به سررت، له اسمعوا. وقد تكررت هذه العبارة عدة مرات مدة خدمة المسيح على الأرض لأنه تمم إرادة الله في الفداء. ويراد بها إظهار التشابه والتماثل في الذات وفي الصفات وفي الجوهر، كما يكون بين الأب والابن الطبيعيين، فقيل عن المسيح إنه بهاء الله ورسم جوهره، وقال هو عن نفسه: من رآني فقد رأى الآب، أنا والآب واحد، ويراد بها دوام شخصية المسيح باعتباره الوارث لكل شئ الذي منه وبه وله كل الأشياء، وقد يراد بها معان كثيرة غير معدودة يقصر دون إدراكها العقل.
5 - ويقول القس بوطر (2) موضحا الثالوث ومبينا لماذا لم يظهر بوضوح الابن وروح القدس في التوراة ولا قال بهما اليهود: بعد ما خلق الله العالم، وتوج خليقته بالإنسان لبث حينا من الدهر لا يعلن له سوى ما يختص بوحدانيته، كما يتبين ذلك من التوراة، على أن المدقق لا يزال يرى بين سطورها إشارات وراء الوحدانية، لأنك إذا قرأت فيها بإمعان تجد هذه العبارات: (كلمة الله، أو حكمة الله، أو روح القدس) ولم يعلم من نزلت إليهم التوراة ما تكنه هذه الكلمات من المعاني لأنه لم يكن قد أتى الوقت المعين الذي قصد الله فيه إيضاحها على وجه الكمال والتفصيل، ومع ذلك فمن يقرأ التوراة في ضوء الإنجيل يقف على المعنى المراد، إذ يجدها تشير إلى أقانيم في اللاهوت... ثم لما جاء المسيح إلى العالم أرانا بتعاليمه وأعماله المدونة في الإنجيل أن له نسبة أزلية سرية إلى الله تفوق الادراك، فهو مسمى في أسفار اليهود (كلمة الله) وهي ذات العبارة المعلنة في التوراة، ثم لما صعد إلى السماء أرسل روحا، ليسكن بين المؤمنين، وقد تبين أن بهذا الروح أيضا نسبة أزلية إلى الله فائقة كما للابن ويسمى الروح المقدس،