فكل ما هو مركب والأجزاء النارية والهوائية عليه أغلب كانت الجسمية أغلب وكل ما هو مركب والأجزاء المائية والأرضية عليه أغلب كانت الجرمية أغلب وهذا العالم عالم الجرم وذلك العالم عالم الجسم فالنفس في ذلك العالم تحشر في بدن جسماني لا جرماني دائما لا يجوز عليه الفناء والدثور ولذته تكون دائمة لا تملها الطباع والنفوس وقيل لفيثاغورس لم قلت بإبطال العالم قال لأنه يبلغ العلة التي من أجلها كان فإذا بلغها سكنت حركته وأكثر اللذات العلوية هي التأليفات اللحنية وذلك كما يقال التسبيح والتقديس غذاء الروحانيين وغذاء كل موجود هو مما خلق منه ذلك الموجود وأما هيراقليطس وأباسيس قد كانا من الفيثاغوريين وقالا إن مبدأ الموجودات هو النار فما تكاثف منها ة وتحجر فهو الأرض وما تحلل من الأرض بالنار صار ماء وما تخلخل من الماء بالنار صار هواء وما تخلخل من الهواء بحرارة النار صار نارا فالنار مبدأ وبعدها الأرض وبعدها الماء وبعدها الهواء وبعدها النار والنار هي المبدأ وإليها المنتهى فمنها التكون وإليها الفساد وأما أبيقورس الذي تفلسف في أيام ديقريطيس فكان يرى أن مبادىء الموجودات أجسام تدرك عقلا وهي كانت تتحرك من الخلاء في الخلاء وزعم أن الخلاء لا نهاية له وكذلك الأجسام لا نهاية لها إلا أن لها ثلاثة أشياء الشكل والعظم والثقل وديمقرايطس كان يرى أن لها شيئين الشكل والعظم فقط وذكر أن تلك الأجسام لا تتجزأ أي لا تنفعل ولا تثكثر وهي معقولة أو متوهمة غير محسوسة فاصطكت تلك الأجزاء في حركاتها اضطرارا واتفاقا فحصل من اصطكاكها صور هذا العالم وأشكالها وتحركت على أنحاء من جهات التحرك وذلك هو الذي يحكي عنهم أنهم قالوا بالإتفاق فلم يثبتوا لها صانعا أوجب الاصطكاك وأوجد هذه الصور وهؤلاء
(٨١)