بواسطة الخيال كان ذلك محسوسا فمنه ما يكون من قوة النفس وقوة آلات الإدراك ومنه ما يكون من ضعف النفس والآلات وأما الخامس فالمعجزات والكرامات قال خصائص المعجزات والكرامات ثلاثة خاصية في قوة النفس وجوهرها ليؤثر في هيولى العالم بإزالة صورة وإبعاد صورة وذلك أن الهيولى منقادة لتأثير النفوس الشريفة المفارقة مطيعة لقواها السارية في العلم وقد تبلغ نفس إنسانية في الشرف الى حد يناسب تلك النفوس فتفعل فعلها وتقوى على ما قويت هي فتزيل جبلا عن مكانه وتذيب جوهرا فيستحيل ماء وتجمد جسما سائلا فيستحيل حجرا ونسبة هذه النفس إلى تلك النفوس كنسبة السراج إلى الشمس فكما أن الشمس تؤثر في الأشياء تسخينا بالاضاءة كذلك السراج يؤثر بقدره وأنت تعلم أن للنفس تأثيرات جزئية في البدن فإنه إذا حدث في النفس صورة الغلبة والغضب حمى المزاج واحمر الوجه وإذا حدثت صورة مشتهاة فيها حدثت في أوعية المنى حرارة مبخرة مهيجة للريح حتى تمتلىء به عروق آلة الوقاع فتستعد له والمؤثر ههنا مجرد التصور لا غير والخاصية الثانية أن تصفو النفس صفاء يكون شديد الاستعداد للإتصال بالعقل الفعال حتى يفيض عليها العلوم فإنا قد ذكرنا حال القوة القدسية التي تحصل لبعض النفوس حتى تستغني في أكثر أحوالها عن التفكر والتعلم فالشريف البالغ منها * (يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار نور على نور) * والخاصية الثالثة للقوة المتخيلة بأن تقوى النفس وتتصل في اليقظة بعالم الغيب كما سبق وتحاكي المتخيلة ما أدركته النفس بصورة جميلة وأصوات منظومة فترى في اليقظة وتسمع فتكون الصورة المحاكية للجوهر الشريف صورة عجيبة في غاية الحسن وهو الملك الذي يراه النبي وتكون المعارف التي تتصل بالنفس من إتصالها بالجواهر الشريفة تتمثل بالكلام الحسن المنظم الواقع في الحس المشترك فيكون مسموعا
(٢٣٠)