قيل إن آدم عليه السلام لما أهبط إلى الأرض وقع إلى سرنديب من أرض الهند وكان يتردد في الأرض متحيرا بين فقدان زوجته ووجدان توبته حتى وافى حواء بجبل الرحمة من عرفات وعرفها وصار إلى أرض مكة ودعا وتضرع إلى الله تعالى حتى يأذن له في بناء بيت يكون قبلة لصلاته ومطافا لعبادته كما كان قد عهد في السماء من البيت المعمور الذي ههو مطاف الملائكة ومزار الروحانيين فأنزل الله تعالى عليه مثال ذلك البيت على شكل سرادق من نور فوضعه مكان البيت فكان يتوجه إليه ويطوف به ثم لما توفى وصيه شيث عليه السلام بناء البيت من الحجر والطين على الشكل المذكور حذو القذة بالقذة ثم لما خرب ذلك بطوقان نوح عليه السلام وامتد الزمان حتى غيض الماء وقضى الأمر وانتهت النبوة إلى إبراهيم الخليل عليه السلام وحمله هاجر أم إسماعيل إبنه إلى الموضع المبارك وولادة إسماعيل عليه السلام هناك ونشؤه وتربيته ثمة وعود إبراهيم إليه وإجتماعه به في بناء البيت وذلك قوله تعالى * (وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل) * فرفعا قواعد البيت على مقتضى إشارة الوحي مرعيا فيه جميع المناسبات التي بينها وبين البيت المعمور وشرعا المناسك والمشاعر محفوظا فيا جميع المناسبات التي بينها وبين الشرع الأخير وتقبل الله تعالى ذلك منهما وبقى الشرف والتعظيم إلى زماننا وإلى يوم القيامة دلالة على حسن القبول فاختلفت آراء العرب في ذلك واول من وضع فيه الأصنام عمرو بن لحي بن غالوثة بن عمرو بن عامر لما سار قومه إلى مكة وإستولى على أمر البيت ثم صار إلى مدينة البلقاء بالشام فرأى هناك قوما يعبدون الأصنام فسألهم عنها فقالوا هذه أرباب إتخذناها على شكل إلهياكل العلوية والأشخاص البشرية نستنصر بها فننصر ونستقي بها فنسقي ونستشفى بها فنشفى فأعجبه ذلك وطلب منهم صنما من أصنامهم فدفعوا إليه هبل فسار به إلى مكة ووضعه في الكعبة وكان معه إساف ونائلة على شكل زوجين فدعا الناس إلى تعظيمها والتقرب إليها والتوسل بها إلى الله تعالى وكان ذلك في أول ملك شابور ذي الأكتاف إلى أن أظهر
(٢٣٣)