المحض والبهاء المحض وكل جمال وبهاء وملائم وخير فهو محبوب معشوق وكلما كان الإدراك أشد إكتناها والمدرك أجمل ذاتا فحب القوة المدركة له وعشقها له وإلتذاذها به كان أشد وأكثر فهو أفضل مدرك بأفضل إدراك لأفضل مدرك وهو عاشق لذاته ومعشوق لذاته عشق من غيره أو لم يعشق وأنت تعلم أن إدراك العقل للمعقول أقوى من إدراك الحس للمحسوس لان العقل إنما يدرك الأمر الباقي ويتحد به ويصير هو هو ويدركه بكنهه لا بظاهره ولا كذلك الحس فاللذة التي لنا تعني بأن نعقل فوق اللذة التي لنا بأن نحس لكنه قد يعرض أن تكون القوة الداركة لا تستلذ بالملائم لعوارض كالممرور يستمر العسل لعارض واعلم أن واجب الوجود ليس يجوز أن يعقل الأشياء من الأشياء وإلا فذاته إما متقومة بما يعقل أو عارض لها أن يعقل وذلك محال بل كما أنه مبدأ كل وجود فيعقل من ذاته ما هو مبدأ له وهو مبدأ للموجودات التامة بأعيانها والموجودات الكائنة الفاسدة بأنواعها أولا وبتوسط ذلك بأشخاصها ولا يجوز أن يكون عاقلا لهذه المتغيرات مع تغيرها حتى يكون تارة يعقل منها أنها موجودة غير معدومة وتارة يعقل منها أنها معدومة غير موجودة ولكل واحد من الأمرين صورة عقلية على حدة ولا واحد من الصورتين يبقى مع الثانية فيكون واجب الوجود متغير الذات بل واجب الوجود إنما يعقل كل شيء على نحو فعلي كلي ومع ذلك فلا يعزب عنه شيء شخصي ف * (لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض) * وأما كيفية ذلك فلأنه إذا عقل ذاته وعقل مبدأ كل موجود عقل أوائل الموجودات وما يتولد عنها ولا شيء من الاشياء يوجد إلا وقد صار من جهة ما واجبا بسببه فتكون الأسباب بمصادماتها تتأذى إلى أن يوجد عنها الأمور الجزئية فالأول يعلم الأسباب ومطابقاتها فيعلم ضرورة ما تتأدى إليه وما بينها من الأزمنة وما لها من العودات فيكون مدركا للأمور الجزئية من حيث هي كلية أعني من حيث لها صفات وإن تخصصت بها شخصا فبالإضافة إلى زمان متشخس أو حال متشخصة وكونه يعقل ذاته ونظام الخير الموجود في الكل
(١٨٥)