ونفس مدركة من الكل هو سبب لوجود الكل ومبدأ له وإبداع وإيجاد ولا يستبعد هذا فإن الصورة المعقولة التي تحدت فينا تصير سببا للصورة الموجودة الصناعية ولو كانت بنفس وجودها كافية لأن تتكون منها الصورة الصناعية دون آلات وأسباب لكان المعقول عندنا هو بعينه الإرادة والقدرة وهو العقل المقتضى لوجوده فواجب الوجود ليست إرادته وقدرته مغايرة لعلمه لكن القدرة التي له هو كون ذاته عاقلة للكل عقلا هو مبدأ الكل لا مأخوذا عن الكل ومبدأ بذاته لا متوقفا على غرض وذلك هو الإرادة وهو جواد بذاته وذلك هو بعينه قدرته وإرادته وعلمه فالصفات منها ما هو بهذه الصفة أي أنه موجود مع هذه الإضافة ومنها ما له هذا الوجود مع سلب فمن لم يتحاش عن إطلاق لفظ الجوهر لم يعن به إلا هذا الوجود مع سلب الكون في موضوع وهو واحد أي مسلوب عنه القسمة بالكم أو القول أو مسلوب عنه الشريك وهو عقل وعاقل ومعقول أي مسلوب عنه جواز مخالطة المادة وعلائقها مع إعتبار إضافة ما وهو أول أي مسلوب عنه الحدوث مع إضافة وجوده إلى الكل وهو مريد أي واجب الوجود مع عقليته أي سلب المادة عنه مبدأ لنظام الخير كله وهو جواد أي هو بهذه الصفة بزيادة سلب أي لا ينحو غرضا لذاته فصفاته إما إضافية محضة وإما سلبية محضة وإما مؤلفة من إضافة وسلب وذلك لا يوجب تكثرا في ذاته قال وإذا عرفت أنه واجب الوجود وأنه مبدأ لكل موجود فما يجوز عنه يجب أن يوجد وذلك أن الجائز أن يوجد وأن لا يوجد إذا تخصص بالوجود منه إحتاج إلى مرجح لجانب الوجود والمرجح إذا كان على الحال التي كان عليها قبل الترجيح ولم يعرض البتة شيء فيه ولا مباين عنه يقتضي الترجيح في هذا الوقت دون وقت قبله أو بعده وكان الأمر على ما كان عليه لم يكن مرجحا إذ كان التعطل عن الفعل والفعل عنده بمثابة واحدة فلا بد وان يعرض له شيء وذلك لا يخلو إما أن يعرض في ذاته وذلك يوجب التغير وقد قدمنا أن واجب الوجود لا يتغير ولا يتكثر وإما أن يعرض مباينا من ذاته والكلام
(١٨٦)