علي ربه وقام على قدميه ونفض ثيابه فأقسم عمر عليه لما عاد إلى مجلسه ففعل (1) قال عمر: غص علينا يا غواص (2) ما يقول أبو الحسن؟ فما علمتك إلا مفرجا للغم.
فالتفت علي (عليه السلام) إلى كعب فقال: غلط أصحابك وحرفوا كتب الله وفتحوا الفرية عليه، يا كعب ويحك إن الصخرة التي زعمت لا تحوي جلاله ولا تسع عظمته، والهواء الذي ذكرت لا يحوز أقطاره (3) ولو كانت الصخرة والهواء قديمين معه لكانت لهما قدمته، وعز الله وجل أن يقال: له مكان يومي إليه، والله ليس كما يقول الملحدون، ولا كما يظن الجاهلون، ولكن كان ولا مكان بحيث لا تبلغه الأذهان، وقولي: كان محدث كونه وهو مما علم من البيان. بقول الله: خلق الإنسان علمه البيان. فقولي له: كان مما علمني من البيان، لأنطق بحجة عظمة المنان، ولم يزل ربنا مقتدرا على ما يشاء، محيطا بكل الأشياء، ثم كون ما أراد بلا فكرة حادثة أصاب ولا شبهة دخلت عليه فيما أراد، وإنه عز وجل خلق نورا ابتدعه من غير شئ، ثم خلق منه ظلمة وكان قديرا أن يخلق الظلمة لا من شئ، كما خلق النور من غير شئ، ثم خلق من الظلمة نورا وخلق من النور ياقوتة غلظها كغلظ سبع سماوات وسبع أرضين، ثم زجر الياقوتة فماعت (4) لهيبته، فصارت ماءا مرتعدا، ولا يزال مرتعدا إلى يوم القيامة. ثم خلق عرشه من نوره وجعله على الماء، وللعرش عشرة آلاف لسان، يسبح الله كل لسان منها بعشرة آلاف لغة، ليس فيها لغة تشبه الأخرى، وكان العرش على الماء، ومن دونه حجب الضباب (5) وذلك