وذكر ابن سعد في طبقاته: لم تبق الزهراء بعد أبيها سوى شهور معدودة، قضتها بالبكاء والنحيب والأنين، حتى عدت من البكائين ولم تر ضاحكة قط (1).
والصورة الثانية: ندم عمر على خلافته وأفعاله، وما جرت عليه من خطوب وخوفه من الآخرة. وتمنيه أن يكون أشياء مختلفة يترفع الناس عن ذكرها والنطق بها. فأصبح عندنا صورتان مختلفتان لفاطمة (عليها السلام) الهاربة من الدنيا، ولعمر الهارب من الآخرة. اللهم إرحم المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات.
روى سلمان بن حرب عن ابن عباس أن عمر قال لابنه عبد الله: خذ رأسي عن الوسادة فضعه في التراب، لعل الله يرحمني، وويل لي وويل لأمي إن لم يرحمني الله عز وجل، فإذا أنا مت فأغمض عيني، واقصدوا في كفني، فإنه إن كان لي عند الله خير أبدلني ما هو خير منه، وإن كنت على غير ذلك سلبني فأسرع سلبي وأنشد: ظلوم لنفسي غير أني مسلم أصلي الصلاة كلها وأصوم (2).
وفي رواية: قبل وفاته كان رأسه (عمر) في حجر ابنه عبد الله فقال له: ضع خدي بالأرض، فلم يفعل، فلحظه وقال: ضع خدي بالأرض لا أم لك، فوضع خده بالأرض، فقال: الويل لعمر ولأم عمر إن لم يغفر الله لعمر (3).
وقال: لو أن لي ما طلعت عليه الشمس لافتديت به من هول المطلع. قالوا: ما أبكاك إلا هذا قال:
ما أبكاني غيره (4).
وقال عمر: والله لو أن لي طلاع الأرض ذهبا لأفتدين به من عذاب الله عز وجل قبل أن أراه (5).