وهو معترض لكم، حتى إذا شغل بأمر من أمور المسلمين أتيتموه، أعدني، أعدني، فانصرف الرجل وهو يتذمر، فقال عمر: علي بالرجل فألقى إليه المخفقة فقال: امتثل، فقال: لا ولكن أدعها لله ولك.
قال عمر: ليس كذلك. إما تدعها لله وإرادة ما عنده، أو تدعها لي فأعلم ذلك. قال: أدعها لله، قال: انصرف.
ثم جاء يمشي حتى دخل منزله ونحن فيه، فافتتح الصلاة فصلى ركعتين، ثم جلس، فقال: يا ابن الخطاب! كنت وضيعا فرفعك الله، وكنت ضالا فهداك الله، وكنت ذليلا فأعزك الله، ثم حملك على رقاب المسلمين، فجاءك رجل يستعديك فضربته! ما تقول لربك غدا إذا أتيته؟ فجعل يعاتب نفسه معاتبة، ظننت أنه من خير أهل الأرض (1).
قال الجصاص: وقد روي عن عمر، أنه غرب ربيعة بن أمية بن خلف - في الخمر - إلى خيبر فلحق بهرقل فقال عمر:
لا اغرب بعدها أبدا (2).
وقد اعترض الكثير من الصحابة على تنصيب عمر خليفة، وذكروا ذلك أمام أبي بكر وأمام عمر نفسه وأمام الناس. قال ابن قتيبة: وكان عمر رجلا شديدا قد ضيق على قريش أنفاسها.
وقال سعد بن عبادة لعمر: والله ما جاورني أحد هو أبغض إلي جوارا منك (3). وروي عن عامر الشعبي أنه قال: ما قتل عمر بن الخطاب حتى ملته قريش واستطالت خلافته (4).