وإليك نص ما قاله الدكتور طه حسين في كتابه الفتنة الكبرى 2 / 98 طبعة دار المعارف بمصر عام 1953 م:
وأقل ما يدل عليه إعراض المؤرخين عن السبئية، وعن ابن السوداء في حرب صفين: إن أمر السبئية وصاحبهم ابن السوداء إنما كان متكلفا منحولا. قد اخترع بأخرة حين كان الجدال بين الشيعة وغيرهم من الفرق الإسلامية.
أراد خصوم الشيعة أن يدخلوا في أصول هذا المذهب عنصرا يهوديا إمعانا في الكيد لهم، والنيل منهم.
ولو قد كان أمر ابن السوداء مستندا إلى أساس من الحق، والتاريخ الصحيح لكان من الطبيعي أن يظهر أثره وكيده في هذه الحرب المعقدة المفصلة التي كانت بصفين.
ولكان من الطبيعي أن يظهر أثره حين اختلف أصحاب علي في أمر الحكومة.
ولكان من الطبيعي بنوع خاص أن يظهر أثره في تكوين هذا الحرب الجديد الذي كان يكره الصلح وينفر منه ويكفر من مال إليه أو شارك فيه.
ولكنا لا نرى لابن السوداء ذكرا في أمر الخوارج. فكيف يمكن تعليل هذا الإهمال؟ أو كيف يمكن أن نعلل غياب ابن سبأ من وقعة صفين وعن نشأة حزب المحكمة؟!.
أما أنا فلا أعلل الأمرين إلا بعلة واحدة، وهي:
أن ابن السوداء لم يكن إلا وهما، وإن وجد بالفعل فلم يكن ذا خطر كالذي صوره المؤرخون وصوروا نشاطه في أيام عثمان وفي العام الأول من خلافة علي.
وإنما هو شخص أدخره خصوم الشيعة وحدهم ولم يدخروه للخوارج... الخ.