مع رجال الفكر - السيد مرتضى الرضوي - ج ١ - الصفحة ٢٧١
وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): " إني تارك فيكم الثقلين (1) كتاب الله وعترتي أهل بيتي وإنهما لن
(١) حديث الثقلين وعصمة أهل البيت (عليهم السلام) " دلالته على عصمة أهل البيت: لاقترانهم بالكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وتصريحه بعدم افتراقهم عنه، ومن البديهي أن صدور أية مخالفة للشريعة سواء كانت عن عمد أم سهو أم غفلة، تعتبر افتراق عن القرآن في هذا الحال وإن لم يتحقق انطباق عنوان المعصية عليها أحيانا كما في الغافل، والساهي، والمدار في صدق عنوان الافتراق عنه عدم مصاحبته لعدم التقيد بأحكامه وإن كان معذورا في ذلك، فيقال فلان - مثلا افترق عن الكتاب وكان معذورا في افتراقه عنه، والحديث صريح في عدم افتراقهما حتى يردا على الحوض ". أنظر: الأصول العامة للفقه المقارن ص ١٦٦.
ومن خطبة للإمام الحسن السبط (عليه السلام) فيما خص الله به أهل البيت (عليهم السلام) قال:
وأقسم بالله لو تمسكت الأمة بالثقلين لأعطتهم السماء قطرها، والأرض بركتها، ولأكلوا نعمتها خضراء من فوقهم ومن تحت أرجلهم من غير اختلاف بينهم إلى يوم القيامة.
قال الله عز وجل: * (ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم) *.
وقال عز وجل: * (ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون) *.
(الروائع المختارة من خطب الإمام الحسن ص ٥٨ ط مصر) وقال الكاتب المصري صالح الورداني:
لقد ترك الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) للأمة الكتاب، وربط هذا الكتاب بآل البيت بزعامة الإمام علي فمن التزم بالكتاب التزم بآل البيت. ومن حاد عن الكتاب حاد عن آل البيت.
إن ربط الكتاب بالإمام يضفي المشروعية على كل خطوات الإمام و. فهو قد اختير من قبل الرسول ليكون مفسر هذا الكتاب والمعبر عنه والناطق بلسانه.
(السيف والسياسة ص ١١٢ ط أولى عام ١٩٩٦ م - القاهرة) وقال الكاتب المصري الأستاذ صالح الورداني ركائز الإسلام النبوي: - القرآن - آل البيت... القرآن: لقد أوصىالرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) الأمة بالقرآن وحض عليه في روايات ومواضع كثيرة كانت آخرها حجة الوداع حيث أوصى الأمة بضرورة التمسك بالكتاب والعترة آل البيت...
يروي البخاري عن طلحة قال: سألت عبد الله بن أبي أوحى، أوصىالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ فقال: لا.
فقال: كيف كتب على الناس الوصية أمروا بها لم يوصي فقال: أنظر: البخاري كتاب فضائل القرآن باب ١٨.
ويروى عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) خيركم من تعلم القرآن وعلمه. (المرجع السابق باب ٢١).
ويروي مسلم عن الرسول قوله في خطبة الوداع:.. كتاب الله فيه الهدى، والنور فخذوا بكتاب الله، واستمسكوا به فحث على كتاب الله، ورغب فيه...
(أنظر: مسلم. كتاب فضائل الصحابة. باب من فضائل على).
ومثل هذه الروايات إنما تشير إلى أن القرآن كان موجودا على عهد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وكان الصحابة يتناولونه من الرسول. وقد برز من بينهم من هو ما فيه ملتزم به يحفظه عن ظهر قلب. وعلى رأس هؤلاء كان الإمام علي، وابن مسعود، وأبي بن كعب، ومعاذ بن جبل..
ويروى عن ابن مسعود قوله: والله الذي لا إله غيره ما أنزلت سورة من كتاب الله إلا أنا أعلم أين نزلت. ولا أنزلت آية من كتاب الله إلا أنا أعلم فيمن أنزلت.
المرجع السابق. ويلاحظ أن هذه الرواية جاءت على لسان الإمام علي بنفس النص انظر:
طبقات ابن سعد: ٢ / ٣٣٨.
إلا أن أبا بكر حين قام بجمع القرآن لم يستعن إلا بزيد بن ثابت وحده.
وعثمان حين ألزم الأمة بمصحف واحد اختار مصحف حفصة الذي كان قد جمعه أبو بكر، ولم يختر مصحف الإمام أو ابن مسعود، أو أبي بن كعب أو ابن عباس، ولم يستعن بأي من هؤلاء لا في عهد أبي بكر، ولا في عهد عثمان حتى أنه كان هناك مصحف لدى عائشة أيضا لم يستعن به. (أنظر: البخاري. وكتب تاريخ القرآن. وفصل القرآن في كتابنا: الخدعة).
إن هذا القرآن الذي تركه الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وتلقاه منه الإمام علي وابن مسعود، وابن عباس، وأبي وغيرهم هو ركيزة الإسلام النبوي التي حض عليها ووصى بها. وإن ما ورثه الإمام عن النبي من تفسيرات حوله وورثها عنه شيعته هي الدافع الفعلي الذي دفع أنصار الإسلام القبلي ومن بعدهم أنصار الإسلام الأموي إلى ضرب هذا القرآن واستبداله بقرآن آخر لا يحوي هذه التفسيرات وليس مرتبا على الترتيب النبوي!) (المراجع السابقة. والإتقان في علوم القرآنللسيوطي).
وقوله تعالى للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): * (إن علينا جمعه وقرآنه فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم إن علينا بيانه) * القيامة: ١٧ - ١٩.
يحوي الدليل القاطع على أن القرآن كان مجموعا في عهد الرسول، وأن الرسول تلقى بيانه من جبرئيل والسؤال الذي يطرح نفسه:
أين بيان القرآن؟ ولماذا لم يظهر في عملية الجمع...؟!
إن الإجابة على هذا السؤال تكشف لنا حقيقة المؤامرة التي نسجت خيوطها بعد وفاة الرسول فالقرآن النبوي ببيانه لا يتماش مع الخط القبلي والأموي من بعده، فمن ثم كانت الحاجة إلى تجريد القرآن من هذا البيان حتى يمكن أن يتماشى مع الاتجاه السائد...
(السيف والسياسة: ص ١٥١ - ١٥٤) - من هم آل البيت؟ - أوصىالرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بآل البيت في روايات كثيرة وفي حجة الوداع حين قال:
أذكركم الله أهل بيتي. أذكركم الله في أهل بيتي. أذكركم الله في أهل بيتي.
مسلم كتاب فضائل الصحابة باب من فضائل علي.
وقال: إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وأهل بيتي. (المرجع السابق).
ويروي مسلم أنه لما نزلت هذه الآية: * (فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم) * دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عليا وفاطمة وحسنا وحسينا فقال: اللهم هؤلاء أهلي) *.
(المرجع السابق - وهي تسمى آية المباهلة انظر: كتب التفسير سورة آل عمران آية رقم ٦١ الترمذي: ٢ ومسند أحمد: ١ والحاكم: ٣ والبيهقي: ٧، وانظر المراجع السابقة).
ويروى: خرج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) غداة وعليه مرط مرحل من شعر أسود فجاء الحسن بن علي فأدخله ثم جاء الحسين فأدخله ثم جاءت فاطمة فأدخلها ثم جاء علي فأدخله. ثم قال إنما يريد الله أن يذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا. (المرجع السابق باب فضائل أهل بيت النبي).
إن ربط الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)القرآن بأهل البيت يعني تلازمهما. كما يعني أن فهم القرآن والالتزام به لن يتم إلا عن طريقهم.
وفي هذا إشارة إلى أن الرسول ورثهم بيان القرآن وتفسيره الذي أخذه عن جبريل.
من هنا كانت الحرب الضروس من قبل الأمويين على آل البيت بداية بالإمام علي ونهاية بالإمام الحسين تلك الحرب التي انتهت بقتل الأئمة الثلاثة وتصفية أنصارهم وشيعتهم.
ثم أكمل العباسيون الحرب من بعدهم فقتلوا بقية أئمة آل البيت وبطشوا ونكلوا بأتباعهم *.
هذه الحرب كانت في حقيقتها بين إسلامين متناقضين بقاء أي منهما لا بد وأن يكون على حساب الآخر. فمن ثم لا مجال للقاء بينهما. وما دامت السلطة والسيادة قد تملكها أعداء آل البيت فلا بد لهم أن يبطشوا بهم لكونهم ممثلو الإسلام النبوي والناطقون بلسانه ذلك الإسلام الذي يشكل الخطر الأكبر على الإسلام الذي يرفعون رايته والذي يرتبط به وجودهم ومستقبلهم..
ولقد ارتبطت الجماهير المسلمة على الدوام بآل البيت على الرغم من إرهاب الحكام وتعتيمهم عليهم وذلك لمكانة آل البيت في قلوب المسلمين تلك المكانة المستمدة من النصوص الشرعية التي وردت فيهم والتي لم يستطع الحكام بإعلامهم وبطشهم أن يطمسوها.
أنظر سيرة آل البيت في الكتب التالية: حياة أئمة آل البيت وهي سلسلة في الأئمة الاثني عشر لهاشم معروف الحسني ط بيروت. وقادتنا كيف نعرفهم للميلاني ط بيروت. وأعيان الشيعة لمحسن الأمين ط بيروت. وانظر خصائص الإمام علي للنسائي ونور الأبصار في مناقب آل البيت المختار للشبلنجي ط بيروت والقاهرة. وانظر لنا حركة آل البيت بيروت.
وهذه الكتب على كثرتها إنما تدل على مكانة آل البيت الخاصة والمتميزة التي وضعهم فيها الشرع.. السيف والسياسة: ص 154 - 155.
وقال العلامة المحقق الثبت السيد حامد حسين اللكنهوي طاب ثراه:
دلالة الحديث على عصمة الأئمة من أهل البيت (عليهم السلام) 1 - لأن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أمر فيه باتباع أهل البيت (عليهم السلام)، وحاشاه (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يأمر باتباع الخاطئين والمخالفين للكتاب والسنة.
* عاصر العباسيون كل من الإمام جعفر الصادق، والإمام موسى الكاظم، والإمام علي الرضا وحتى الإمام الحادي عشر ثم ظهر المهدي في عصرهم واختفى.. وجميع هؤلاء الأئمة قد قتلوا على يد حكام بني العباس. ويذكر أن العباسيين استثمروا دعوة آل البيت والإسلام النبوي في ثورتهم ضد الأمويين، ولولا تسترهم بالإسلام النبوي وخط آل البيت ما أمكن لهم النجاح.