وقد يكون من مسؤوليتنا الإسلامية إزاء مستقبل العمل الإسلامي وحاضره، أن نهيئ للإسلام مثل هذه الأجواء، لنضيف إلى التجارب التي نملكها في الحوار، تجارب جديدة تغني الفكر كما تغني الأسلوب.. وتفسح المجال لحركة جديدة في اتجاه صنع الإنسان المسلم الذي لا يتحرك إلا من خلال الفكر، ولا يبني قناعته إلا على أساس البحث العلمي المتزن بعيدا عن كل عوامل الإثارة وعن كل حساسيات التاريخ.
* * * وربما كان للقاءات الشخصية الحميمة التي تبتعد عن الأجواء الرسمية القلقة التي تعرض على الإنسان أن يتقمص شخصية تختلف عن شخصيته الحقيقية فتبتعد به عن العفوية في تفكيره وأسلوبه، وتحوله إلى شخصية معقدة تتكلم بما يوحي به الجو الرسمي، لا بما توحي به الفطرة السليمة المتحركة أبدا من موقع المحبة، ومن قاعدة البحث الواقعي عن الحقيقة.
وربما كان لهذه اللقاءات التي تجمع العاملين في سبيل الإسلام، والمفكرين له أكبر الأثر في تهيئة مثل هذه الأجواء الطيبة التي تعطينا مزيدا من الإيجابية والموضوعية لا سيما إذا استطعنا أن نجعلها تعبق بالروحية الإيمانية التي ترفرف في ظلال الله.. إننا نحسب أن مثل هذه اللقاءات تحولهم إلى إسلام يبحث عن نفسه فيما بين هذا الركام الهائل من المذاهب والعقائد والأفكار، بدلا من أن يكونوا مفكرين يفلسفون له مفاهيمه ويفرضون عليه أفكارهم.. لأن الأجواء الحميمة تحطم الحواجز الذاتية التي تحول بين الإنسان وبين التحرك إلى قناعاته العفوية من خلال الحجة والدليل.. ليبقى الفكر وحده هو الذي يصول ويجول في الساحة الفكرية والروحية.
وقد يكون من إيجابيات هذه اللقاءات بين المفكرين والعاملين أنها تخرج الكثيرين من أجواء اللا مبالاة الفكرية التي يواجهون بها التفاصيل الدقيقة