النعمان وأتباعه من أهل الرأي والقياس.
فإذا عرفنا بعد ذلك أن أهل السنة جميعا يقرون بالفضل والعلم والتقوى لأهل البيت الأطهار، ويرون أن لهم منزلة خاصة لا يدانيهم فيها أحد وأن محبتهم والتقرب إليهم من كمال الدين، وباب للقرب من الله، وذلك لما ورد في حقهم من الكتاب والسنة من الشواهد وعرفنا أن الخلاف بين السنة والشيعة ليس بذي خطر!
ومع أن التشيع يستند أساسا إلى شواهد من الكتاب والسنة إلا أن بعض الباحثين من غير المنصفين نسبوه إلى مصدر غير إسلامي! وكان بالإنصاف يقتضي في هؤلاء الباحثين ألا يطرحوا هذه الشواهد من حسابهم إذا أرخوا ومن أراد زيادة في هذا الطلب فعليه الرجوع إلى الكتب المعتبرة في علم الحديث عند أهل السنة، مثل صحيح البخاري، وصحيح مسلم وغيرهما، وذلك في الأبواب الخاصة بمناقب أهل البيت رضوان الله عليهم.
ومما هو جدير بالذكر في هذا الصدد، أن شأن التشيع فيما قيل عنه من أنه دخيل على الإسلام شأن التصوف الإسلامي أيضا، فقد كان بعض الباحثين قديما وحديثا يعتبرون التصوف من صدر غير إسلامي، سواء أكان هذا المصدر فارسيا أم نصرانيا، يونانيا أم هنديا، على حين أن التصوف من حيث هو علم للمقامات والأحوال التي تعرض لقلوب المتعبدين السالكين لطريق الله عز وجل، كالتوكل والرضا، والزهد، والمحبة، والصبر واليقين، والمعرفة والأنس بالله والخوف والرجاء وما إليها، هو علم الأخلاق الدينية مستند أولا وقبل كل شئ، إلى الكتاب والسنة.
وجدير بالذكر كذلك أن بين التصوف والتشيع صلات قوية، وللإمام علي رضي الله عنه عند الصوفية منزلة خاصة رفيعة، فهم يعتبرونه مثلا أعلى في الزهد والتقوي، والورع والصبر واليقين، والرضا والتوكل، وكتبهم حافلة بذكر مناقب ذريته، رضي الله عنهم أجمعين.