ومما يدعو إلى التأمل أيضا أن شيوخ الصوفية من أصحاب الطرق كالرفاعي والبدوي، والدسوقي والجيلاني وغيرهم من جلة علماء أهل السنة من الصوفية يرجعون جميعا في أسانيد طرقهم إلى أئمة أهل البيت الأطهار بسندهم إلى الإمام علي عليه السلام بسنده إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولعل هذا مستند عندهم إلى ما روى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم من قوله: " أنا مدينة العلم وعلي بابها " وهذا يفيد عند الصوفية خصوصية في علم الحقيقة، أو علم المكاشفة، أو علم الباطن، ليست لغير الإمام علي كرم الله وجهه.
وهناك في كتب أهل السنة أنفسهم شواهد كثيرة على خصوصية الإمام علي في العلم، وحسبنا أن نسوق الرواية التالية على سبيل المثال لا الحصر: " عن عمر رضي الله عنه أنه جاء إلى الحجر الأسود فقبله وقال:
إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقبلك ما قبلتك.
فقال علي رضي الله عنه يا أمير المؤمنين بل إنه يضر وينفع، وذلك في تأويل كتاب الله تعالى في قوله: " وإذا أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى) - فلما أقروا أنه الرب عز وجل وأنهم العبيد كتب ميثاقهم في رق وألقمه في هذا الحجر، وإنه يبعث يوم القيامة وله عينان ولسان وشفتان. يشهد لمن وافى بالموافاة، فهو أمين الله في هذا الكتاب؟
فقال له عمر: " لا أبقاني الله في أرض لست فيها يا أبا الحسن " (1).
فعمر بن الخطاب كما يستفاد من هذه الرواية يقبل الحجر الأسود اقتداء بالرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وهذا شأن كل مسلم في الاقتداء بالنبي.