ويسأل رسول الله (صلى الله عليه وآله): هل يسلم على دينه؟ فيعده بذلك، وبعدها يوصيه بمقاتلة من يجب مقاتلتهم، من الناكثين والمارقين والقاسطين، ويوصيه الاستمرار بإخلاصه لدينه، ومدهم بيد المعونة متى طلبوا منه ذلك، وأمور كثيرة أخرى حول ابنته وما تقاسي، وولديه الحسنين (عليهما السلام) وما يقاسيان، وأمور أخرى أخبره بها الأمين جبرئيل عن الله عز وجل.
واجتمع الصحابة المقربون وبنو هاشم في دار علي (عليه السلام) يدبرون الأمر له وإعادة الشورى، وكان بينهم مدسوسون من البكريين، فأوصلوا الخبر لأبي بكر، وما كان أبو بكر وعمر ليخفى عليهما شجاعة علي (عليه السلام) كما لم يخف عليهما أنه موصى بالصبر، وما هناك من المخاطر المحيطة بالإسلام تلك التي تهم عليا (عليه السلام) وآل البيت أكثر من كل شئ، ومن المحال قيامه رغم قدرته بالسلاح والقوة، ويعرفان أنه الرجل المحنك في حروبه والسريع في عمله، فلو كان يجد الحرب وسيلة لما أمهلهم أبدا، ولضربهم الضربة القاصمة السريعة، وإنما يريد تدبير الأمر بصورة مرضية بدون عنف، وهذا ما يريدانه.
فأظهروا عكس ذلك قليلا فلم يجدوا منه ما يدل على مقابلتهم، فاشتدوا واستمروا حتى جاء عمر وأصحابه وحاصروا دار علي (عليه السلام)، وفيها البتولة فاطمة الزهراء (عليها السلام) بضعة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وولداه الحسنان (عليهما السلام)، وجمعوا الحطب على الباب وأضرموا النار يريدون إحراق الدار بمن فيها.
فخرجت فاطمة إلى الباب فقابلوها بشدة، وإذا بأحدهم يمد يده ويلطمها وآخر يعصرها بين الباب والحائط عصرة تؤدي إلى إسقاط جنينها، وقد أعلنوا لعمر أن في الدار فاطمة فقال: وإن، ويأخذون بطل الإسلام وخليفة رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليا (عليه السلام) قهرا حافي القدمين إلى أبي بكر ليبايعه، وهو الذي قبل ثمانين يوما بايعه بالإمارة، فأعلن حقه.