فعاد الأمين ثانية إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقال: إن الله يأمرك أن تدفع فدكا إلى فاطمة، فأرسل إليها وقال: " إن الله أمرني أن أدفع إليك فدكا " وقدمها لها بتلك الجلسة.
وأجمع على ذلك أئمة الحديث والمفسرون من السنة والجماعة، فكانت فدك في تصرفها في زمان حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله).
وكانت توجرها هي نفسها في زمن حياته (صلى الله عليه وآله)، وكانوا يقدمون لها مال الإجارة في ثلاثة أقساط، فتأخذ منه ما يكفيها هي وولديها الحسنين (عليهما السلام) لليلة واحدة (نعم لليلة واحدة) وتقسم الباقي بين فقراء بني هاشم المحرومين من مال الصدقات (الزكاة)، وما زاد، تقسمه على سائر الفقراء والمساكين برا وإحسانا منها.
وكانت هذه من العقد المكبوتة لدى المنافقين وأعداء بيت الرسالة، أولئك الجشعين وأولئك الذين يحرفون الكلم، ويخلقون الدسائس لآل البيت (عليهم السلام).
وكانت قضية فدك وما كان يخص من أسانيد وأحاديث تعود إلى أمور الخلافة والوصاية وكرامات أهل البيت (عليهم السلام)، وفضائلهم أيضا من أهم القضايا التي تثير الحسد في قلوب المنافقين والمبغضين لعلي (عليه السلام) وآل بيت الرسالة (عليهم السلام)، وبني هاشم والمخلصين من الصحابة.
لذا نرى أن قضية غصب الخلافة وما يتبع ذلك من الانتهاكات والمظالم وقلب الحقائق وتزييف الأحاديث وإبعاد أهل البيت (عليهم السلام) وتبديل ذلك بأعدائهم تجيش في صدور ذلك الحزب المناوئ الغاصب المنقلب على أهل الولاية من آل بيت الرسالة وبيوت الطهارة.
وما أن مات رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى اغتنموها فرصة في السقيفة، وبدأوا بالغصب تلو الغصب، وألحقوه بطمر الحقائق بمنع المعارف الإسلامية، وردم ينبوعها، ألا وهو منع تدوين الحديث والسنة الذي بدأه أبو بكر، وسار عليه عمر، وتابع أثره